الْأَوَّلُ - لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى النَّصِّ، بِنُزُولِ الْوَحْيِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٤] وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى النُّطْقِ وَحَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَقَالَ الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ ": كُلُّ مَنْ نَفَى الْقِيَاسَ أَحَالَ تَعَبُّدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ اخْتِيَارِ ابْنِ حَزْمٍ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا سُئِلَ يَنْتَظِرُ الْوَحْيَ وَيَقُولُ: مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِي هَذَا الشَّيْءِ» ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ زَكَاةِ الْحُمُرِ، وَمِيرَاثِ الْبَنِينَ مَعَ الزَّوْجِ وَالْعَمَّةِ قَالَ: وَلَنَا أَخْذُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْفِدَاءَ ثُمَّ نَزَلَ عِتَابُهُ عَلَيْهِ، فَلَا يُنْكِرُ أَنْ يُفْعَلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ نَهْيُ رَبِّهِ تَعَالَى فِيهِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَنْبِيهِهِ عَلَيْهِ.
قُلْت: ثُمَّ قِيلَ: هُوَ مُمْتَنِعٌ عَقْلًا، حَكَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي التَّلْخِيصِ " وَذَهَبَ أَبُو عَلِيٍّ وَابْنُهُ أَبُو هَاشِمٍ إلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُتَعَبَّدًا بِهِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ كَثِيرُونَ، مِنْهُمْ الرَّازِيَّ وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَسُلَيْمٌ - وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ، وَأَكْثَرِ الْمَالِكِيَّةِ مِنْهُمْ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَالْقَاضِيَانِ أَبُو يُوسُفَ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ وَأَبُو الْحُسَيْنِ وَالْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ ": أَنَّهُ يَجُوزُ لِنَبِيِّنَا وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - ذَلِكَ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الرِّسَالَةِ "، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَاطَبَ نَبِيَّهُ كَمَا خَاطَبَ عِبَادَهُ، وَضَرَبَ لَهُ الْأَمْثَالَ، وَأَمَرَهُ بِالتَّدَبُّرِ وَالِاعْتِبَارِ، وَهُوَ أَجَلُّ الْمُتَفَكِّرِينَ فِي آيَاتِ اللَّهِ، وَأَعْظَمُ الْمُعْتَبِرِينَ بِهَا وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٤] فَالْمُرَادُ بِهِ الْقُرْآنُ، لِأَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ. سَلَّمْنَا أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute