الضَّمِيرَ لِلنُّطْقِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَا ذَكَرْتُمْ، لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ الشَّرْعِيَّ مَأْذُونٌ فِيهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ فِي الْآرَاءِ وَالْحُرُوبِ كَثِيرٌ، كَقَتْلِهِ النَّضْرَ وَنَحْوَهُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي تَحَرَّى فِيهَا وَاخْتَارَ أَحَدَ الْجَائِزَيْنِ وَأَمَّا الْأَحْكَامُ فَلِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْ غَيْرِهِ، لِعِصْمَتِهِ مِنْ الْخَطَأِ، فَإِذَا جَازَ لِغَيْرِهِ الَّذِي هُوَ عُرْضَةٌ لِلْخَطَأِ فَلَأَنْ يَجُوزَ لِلْكَامِلِ أَوْلَى، وَلِأَنَّ الْعَمَلَ بِالِاجْتِهَادِ أَشَقُّ مِنْ الْعَمَلِ بِالْيَقِينِ فَيَكُونُ أَكْثَرَ ثَوَابًا وَالثَّالِثُ - الْوَقْفُ عَنْ الْقَطْعِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، لِجَوَازِهِ كُلِّهِ وَزَعَمَ الصَّيْرَفِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ " أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، لِأَنَّهُ حَكَى الْأَقْوَالَ وَلَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا، فَقَالَ: مَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا لَيْسَ فِيهِ نَصُّ كِتَابٍ، اخْتَلَفُوا فِيهِ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: جَعَلَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ لِعِلْمِهِ بِتَوْفِيقِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَمْ يَسُنَّ سُنَّةً قَطُّ إلَّا وَلَهَا أَصْلٌ فِي الْكِتَابِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ جَاءَتْهُ رِسَالَةُ اللَّهِ فَأَثْبَتَ سُنَّتَهُ بِفَرْضِ اللَّهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: أُلْقِيَ فِي رُوعِهِ كُلُّ مَا سَنَّ، انْتَهَى لَكِنَّهُ قَالَ بَعْدَ هَذَا، فِي بَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ: قَالَ: قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: وَفِي قَوْله تَعَالَى: {مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} [يونس: ١٥] دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِرَسُولِهِ أَنْ يَقُولَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ بِتَوْفِيقِهِ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ بِهِ كِتَابٌ قَالَ: قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: ٣٩] : يَمْحُو فَرْضَ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ فَرْضَ مَا يَشَاءُ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَهَذَا يُشْبِهُ مَا قِيلَ انْتَهَى. وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ لِأَصْحَابِنَا، (ثَالِثُهَا) ، وَاخْتَارَهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ: التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْحُكْمُ مِمَّا يُشَارِكُ فِيهِ الْأُمَّةَ، كَتَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ، لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَمْرِ الشَّخْصِ لِنَفْسِهِ، وَبَيَّنَ أَنْ لَا يُشَارِكَهُمْ فِيهِ، كَمَنْعِ تَوْرِيثِ الْقَاتِلِ وَحَدِّ الشَّارِبِ وَقِيلَ: يَجُوزُ لِنَبِيِّنَا دُونَ غَيْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute