للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفَرْعِ فَهُوَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَعَبَّدَ بِهِ عَلَيْهِ؟ وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ فُرُوعٌ الْأَوَّلُ - إذَا جَوَّزْنَا، فَهَلْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَعْلِيقِهِ " فِي الْأَقْضِيَةِ، وَصَحَّحَ الْوُجُوبَ وَكَذَا حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَقْضِيَةِ ثُمَّ قَالَ: وَالْأَصَحُّ عِنْدِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُمْ لَا يَصِلُونَ إلَى حُقُوقِهِمْ إلَّا بِالِاجْتِهَادِ، وَلَا يَجِبُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ الثَّانِي - إذَا اجْتَهَدَ فَهَلْ يَسْتَبِيحُ الِاجْتِهَادُ بِرَأْيِهِ أَوْ يَرْجِعُ فِيهَا إلَى دَلَائِلِ الْكِتَابِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ أَيْضًا، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي اجْتِهَادِهِ إلَى الْكِتَابِ، لِأَنَّ سُنَنَهُ أَصْلٌ كَالْكِتَابِ.

وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: يَجُوزُ الْقِيَاسُ عَلَى الْفَرْعِ الَّذِي قَاسَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعَلَى كُلِّ فَرْعٍ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى إلْحَاقِهِ بِالْأَصْلِ، قَالَ: لِأَنَّهُ صَارَ أَصْلًا بِالْإِجْمَاعِ وَالنَّصِّ فَلَا يُعْطَى إلَى مَآخِذِهِمْ الثَّالِثُ - إذَا جَوَّزْنَا لَهُ الِاجْتِهَادَ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَتَطَرَّقُ الْخَطَأُ إلَى اجْتِهَادِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَوَجَبَ عَلَيْنَا اتِّبَاعُهُ فِيهِ، وَهُوَ يُنَافِي كَوْنَهُ خَطَأً وَالْمَسْأَلَةُ قَدْ نَصَّ عَلَيْهَا الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ " فَقَالَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ: وَالِاجْتِهَادُ فِي الْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ، وَلَنْ يُؤْمَرَ النَّاسُ أَنْ يَتَّبِعُوا إلَّا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ الَّذِي عَصَمَهُ اللَّهُ مِنْ الْخَطَأِ وَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِنْهُ فَقَالَ: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: ٥٢] فَأَمَّا مَنْ رَأْيُهُ خَطَأٌ وَصَوَابٌ فَلَنْ يُؤْمَرَ أَحَدٌ بِاتِّبَاعِهِ، انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ: هُوَ مَعْصُومٌ فِي اجْتِهَادِهِ كَمَا هُوَ مَعْصُومٌ فِي خَبَرِهِ وَحَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ أَصْحَابِنَا وَقَالَ الْهِنْدِيُّ إنَّهُ الْحَقُّ عِنْدَنَا، وَمِمَّنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>