قَالَ: وَإِنْ كَانَ، قُلْتَ: مَا أَقْضِي؟ قَالَ: (عَلَى أَنَّك إنْ أَصَبْتَ كَانَ لَك عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَإِنْ أَخْطَأْتَ كَانَ لَك حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ) وَمَدَارُهُ عَلَى فَرَجٍ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَشَيْخُهُ مُحَمَّدٌ وَأَبُوهُ مَجْهُولَانِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي اسْمِ أَبِيهِ، وَالِاخْتِلَافُ هَلْ هُوَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَوْ عَنْ أَبِيهِ. وَقَدْ صَحَّحَ الْحَاكِمُ فِي (الْمُسْتَدْرَكِ) الْحَدِيثَ، وَفِيهِ نَظَرٌ.
وَاسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيُّ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَادَى يَوْمَ انْصَرَفَ مِنْ الْأَحْزَابِ: «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ إلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ فَتَخَوَّفَ نَاسٌ فَوْتَ الْوَقْتِ فَصَلَّوْا دُونَ بَنِي قُرَيْظَةَ. وَقَالَ آخَرُونَ: لَا نُصَلِّي إلَّا حَيْثُ أَمَرَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ. قَالَ: فَمَا عَنَّفَ وَاحِدًا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) أَنَّ النِّزَاعَ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجْتَهِدُ فِيمَا لَيْسَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ أَوْ يُرَاجِعُ، وَهَذَا اجْتِهَادٌ فِي نَصِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَا الْمُرَادُ بِهِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمَقْصُودَ وُقُوعُ الِاجْتِهَادِ فِي الْجُمْلَةِ. و (الثَّانِي) أَنَّهُمْ كَانُوا غَائِبِينَ، وَقَدْ سَبَقَ الْقَوْلُ بِجَوَازِهِ لَهُمْ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ حَدِيثُ مُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ قَالَ: أَجْتَهِدُ بِرَأْيِي. وَصَوَّبَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَحَدِيثُ بَعْثِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلِيًّا قَاضِيًا، وَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اهْدِ قَلْبَهُ وَثَبِّتْ لِسَانَهُ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ فِي " الْمُسْتَدْرَكِ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute