للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ إذَا وَجَدْنَا عَنْ مُجْتَهِدٍ حُكْمًا وَظَفِرْنَا لَهُ بِدَلِيلٍ مُنَاسِبٍ، وَفَقَدْنَا غَيْرَهُ، فَهَلْ يَجُوزُ لَنَا جَعْلُهُ مُعْتَمَدًا لِهَذَا الْمُجْتَهِدِ؟ جَزَمَ بِهِ الْقَرَافِيُّ فِي الْقَوَاعِدِ " قَالَ: وَلِهَذَا أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّا إذَا رَأَيْنَا فِي كَلَامِ الشَّارِعِ حُكْمًا. وَظَفِرْنَا لَهُ بِمُنَاسَبَةٍ جَزَمْنَا بِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهَا مَعَ تَجْوِيزِ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ عَقْلًا، لَكِنَّ الِاسْتِقْرَاءَ دَلَّ عَلَيْهِ. .

مَسْأَلَةٌ يَجِبُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ أَنْ يَقْصِدَ بِاجْتِهَادِهِ طَلَبَ الْحَقِّ عِنْدَ اللَّهِ وَإِصَابَةَ الْعَيْنِ الَّتِي يَجْتَهِدُ فِيهَا. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مَذْهَبِ الْمُزَنِيّ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْصِدَ بِاجْتِهَادِهِ طَلَبَ الْحَقِّ عِنْدَ نَفْسِهِ، لِأَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ لَا يُعْلَمُ إلَّا بِالنَّصِّ. وَعَلَى كِلَا الْمَذْهَبَيْنِ عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَصَّلَ بِاجْتِهَادِهِ إلَى طَلَبِ الْحَقِّ وَإِصَابَةِ الْعَيْنِ. فَيَجْمَعُ بَيْنَ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ: عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ وَلْيَعْمَلْ بِمَا يُؤَدِّيهِ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ، فَيَجْعَلُونَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادَ وَلَا يَجْعَلُونَ عَلَيْهِ طَلَبَ الْحَقِّ بِالِاجْتِهَادِ، وَنُسِبَ إلَى أَبِي يُوسُفَ. وَاخْتُلِفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَقِيلَ: فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ طَلَبُ الْحَقِّ بِالِاجْتِهَادِ، كَقَوْلِنَا، وَفِي بَعْضِهَا يَعْمَلُ بِمَا يُؤَدِّيهِ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ كَأَبِي يُوسُفَ. وَقَدْ اخْتَلَطَتْ مَذَاهِبُ النَّاسِ فِي هَذَا حَتَّى الْتَبَسَتْ. وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ عَلَيْهِ طَلَبَ الِاجْتِهَادِ. لَا طَلَبَ الْحَقِّ. بِأَنَّ مَا أَخْفَاهُ اللَّهُ لَا طَرِيقَ لَنَا إلَى إظْهَارِهِ. وَفِي إلْزَامِهِ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ. وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ نَوْعٌ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ. وَحَكَى الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ، عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ قَوْلَيْنِ: أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>