سَائِرَ الْأَسَالِيبِ. نَعَمْ، لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ تَقْلِيدُ إمَامٍ فِي قَاعِدَةٍ، إذَا ظَهَرَ لَهُ صِحَّةُ مَذْهَبِ غَيْرِ إمَامِهِ فِي وَاقِعَةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ إمَامَهُ، لَكِنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ مُسْتَبْعَدٌ، لِكَمَالِ نَظَرِ مَنْ قَبْلَهُ. وَسَبَقَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِ الْمُجْتَهِدِ كَلَامٌ لِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ يَتَعَلَّقُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَبْلُغَ الْمُكَلَّفُ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ: فَإِنْ كَانَ اجْتَهَدَ فِي الْوَاقِعَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ فِيهَا، خِلَافُ مَا ظَنَّهُ، بِلَا خِلَافٍ، لِأَنَّ ظَنَّهُ لَا يُسَاوِي الظَّنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ غَيْرِهِ، وَالْعَمَلُ بِأَقْوَى الظَّنَّيْنِ وَاجِبٌ. وَ [لَوْ] خَالَفَ وَحَكَمَ بِخِلَافِ ظَنِّهِ فَقَدْ أَثِمَ، وَإِنْ كَانَ مَذْهَبًا لِغَيْرِهِ. وَهَلْ يُنْتَقَضُ حُكْمُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ لِلْحَنَابِلَةِ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ ". وَهُوَ يَقْدَحُ فِي نَقْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الِاتِّفَاقَ عَلَى بُطْلَانِ حُكْمِهِ. وَاسْتَثْنَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ مَا إذَا كَانَ حُكْمًا يَجِبُ هَلْ أَوْ عَلَيْهِ يَحْتَاجُ فِي فَصْلِهِ إلَى حَاكِمٍ بَيْنَهُمَا بِاجْتِهَادِهِ، فَيَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ اجْتَهَدَ فَفِيهِ بِضْعَةَ عَشَرَ مَذْهَبًا: الْأَوَّلُ - الْمَنْعُ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ، مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ، وَاخْتَارَهُ الرَّازِيَّ وَالْآمِدِيَّ وَابْنُ الْحَاجِبِ. قَالَ الْبَاجِيُّ: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute