للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشْتَبَهَ بِهِ، وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَقِيلَ: تُبَاحُ الْمُذَكَّاةُ وَالْأَجْنَبِيَّةُ وَلَكِنْ يَجِبُ الْكَفُّ عَنْهُمَا. قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَأَمَّا تَوَهُّمُ هَذَا مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ وَصْفٌ ذَاتِيٌّ لَهُمَا أَيْ: قَائِمٌ بِذَاتِهِمَا، كَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ بِالْأَسْوَدِ وَالْأَبْيَضِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْحِلُّ وَالْحُرْمَةُ مُتَعَلِّقَانِ بِالْفِعْلِ، وَهُمَا الْإِذْنُ فِي الْفِعْلِ وَوُجُوبُ الْكَفِّ، وَحِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ التَّنَاقُضُ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مُرَادَ هَذَا الْقَائِلِ أَنَّ تَحْرِيمَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْمُذَكَّاةِ بِعَارِضِ الِاشْتِبَاهِ، وَهُمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُبَاحَتَانِ، فَالْخِلَافُ إذَنْ لَفْظِيٌّ. الثَّانِي: مَا يُسْقِطُ حُكْمَ التَّحْرِيمِ، كَمَا إذَا اخْتَلَطَتْ مَحْرَمٌ بِنِسَاءِ بَلْدَةٍ عَظِيمَةٍ، فَيُجْعَلُ كَالْعَدَمِ، وَيُبَاحُ لَهُ نِكَاحُ أَيِّ امْرَأَةٍ أَرَادَ.

الثَّالِثُ: مَا يُتَحَرَّى فِيهِ، كَالثِّيَابِ وَالْأَوَانِي. قَالَ الْإِمَامُ فِي " الْمَحْصُولِ ": وَكَانَ الْقِيَاسُ عَدَمَ التَّحَرِّي؛ لِأَنَّ تَرْكَ اسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ لَا يَتَأَتَّى بِيَقِينٍ إلَّا بِتَرْكِ الْجَمِيعِ. قَالَ: وَهَاهُنَا فِيهِ خِلَافٌ، يَعْنِي هَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاجْتِهَادِ أَمْ يَجُوزُ الْهُجُومُ بِمُجَرِّدِ الظَّنِّ؟ وَالْأَصَحُّ: الْأَوَّلُ، وَمِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ: لَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ مُعَيَّنَةً حُرِّمَتَا جَمِيعًا إلَى حِينِ التَّعْيِينِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْمُطَلَّقَةَ وَغَيْرَهَا، وَإِذَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ غَلَبَ الْحَرَامُ، وَحَكَاهُ الْغَزَالِيُّ فِي " الْمُسْتَصْفَى " عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَقَالَ قَبْلَهُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: يَحِلُّ قَبْلَهُمَا وَالطَّلَاقُ غَيْرُ وَاقِعٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ مَحَلًّا، فَصَارَ كَمَا إذَا بَاعَ أَحَدٌ عَبْدَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: حُرِّمَتَا جَمِيعًا، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>