للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ - أَعْنِي اعْتِقَادَهُ رُجْحَانَ مَذْهَبِ إمَامِهِ، وَعَدَمَ الِاعْتِقَادِ - يَقْصِدُ تَقْلِيدَهُ احْتِيَاطًا لِدِينِهِ، كَالْحِيلَةِ إذَا قَصَدَ بِهَا الْخَلَاصَ مِنْ الرِّبَا، كَبَيْعِ الْجَمْعِ بِالدَّرَاهِمِ وَشِرَاءِ الْجَنِيبِ بِهَا، فَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَلَا مَكْرُوهٍ، بِخِلَافِ الْحِيلَةِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ حَيْثُ يُحْكَمُ بِكَرَاهَتِهَا.

(الثَّالِثَةُ) أَنْ يَقْصِدَ بِتَقْلِيدِهِ الرُّخْصَةَ فِيمَا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ، لِحَاجَةٍ لَحِقَتْهُ، أَوْ ضَرُورَةٍ أَرْهَقَتْهُ، فَيَجُوزُ أَيْضًا، إلَّا إنْ اعْتَقَدَ رُجْحَانَ مَذْهَبِ إمَامِهِ وَيَقْصِدُ تَقْلِيدَ الْأَعْلَمِ فَيَمْتَنِعُ، وَهُوَ صَعْبٌ. وَالْأَوْلَى: الْجَوَازُ. (الرَّابِعَةُ) أَلَّا تَدْعُوَهُ إلَى ضَرُورَةٍ وَلَا حَاجَةٍ، بَلْ مُجَرَّدِ قَصْدِ التَّرَخُّصِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ رُجْحَانُهُ، فَيَمْتَنِعُ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُتَّبِعٌ لِهَوَاهُ لَا لِلدِّينِ. (الْخَامِسَةُ) أَنْ يَكْثُرَ مِنْهُ ذَلِكَ وَيَجْعَلَ اتِّبَاعَ الرُّخْصِ دَيْدَنَهُ، فَيَمْتَنِعُ، لِمَا قُلْنَا وَزِيَادَةُ فُحْشِهِ. (السَّادِسَةُ) أَنْ يَجْتَمِعَ مِنْ ذَلِكَ حَقِيقَةٌ مُرَكَّبَةٌ مُمْتَنِعَةٌ بِالْإِجْمَاعِ، فَيَمْتَنِعُ. (السَّابِعَةُ) أَنْ يَعْمَلَ بِتَقْلِيدِهِ الْأَوَّلَ، كَالْحَنَفِيِّ يَدَّعِي شُفْعَةَ الْجِوَارِ فَيَأْخُذَهَا بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، ثُمَّ تُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ فَيُرِيدُ أَنْ يُقَلِّدَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ، فَيَمْتَنِعُ، لِتَحَقُّقِ خَطَئِهِ إمَّا فِي الْأَوَّلِ وَإِمَّا فِي الثَّانِي، وَهُوَ شَخْصٌ وَاحِدٌ مُكَلَّفٌ.

تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ - ادَّعَى الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَلَا بَعْدَهُ بِالِاتِّفَاقِ. وَلَيْسَ كَمَا قَالَا، فَفِي كَلَامِ غَيْرِهِمَا مَا يَقْتَضِي جَرَيَانَ الْخِلَافِ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>