للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: يَسْقُطُ الْفَرْضُ عِنْدَهَا لَا بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ هَذَا الْإِجْمَاعُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ أَوْجَبْنَا الْقَضَاءَ. انْتَهَى. وَالْإِجْمَاعُ لَمْ يَنْقُلْهُ الْقَاضِي صَرِيحًا، وَإِنَّمَا تَلَقَّاهُ بِمَسْلَكٍ اسْتِنْبَاطِيٍّ عَلَى زَعْمِهِ، فَقَالَ: لَمْ يَأْمُرْ أَئِمَّةُ السَّلَفِ الْعُصَاةَ بِإِعَادَةِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي أَقَامُوهَا فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ بِقَوْلِهِ: كَانَ فِي السَّلَفِ مُتَعَمِّقُونَ فِي التَّقْوَى يَأْمُرُونَ بِدُونِ مَا فَرَضَهُ الْقَاضِي، وَضَعَّفَهُ الْإِبْيَارِيُّ، قَالَ: وَكَأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى نَقْلِ الْإِجْمَاعِ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَأْمُرُونَ بِالْقَضَاءِ بِدُونِهِ، وَكَيْفَ لَا يَأْمُرُونَ بِالْقَضَاءِ فِي هَذَا؟ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: خِلَافُ أَحْمَدَ لَا يَقْدَحُ فِي الْإِجْمَاعِ، بَلْ الْإِجْمَاعُ السَّالِفُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الظَّلَمَةَ لَمْ يُؤْمَرُوا بِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ مَعَ كَثْرَةِ وُقُوعِهَا، وَلَوْ أُمِرُوا بِهِ لَانْتَشَرَ، وَلَمَّا صَحَّتْ أَدِلَّةُ الْمُتَكَلِّمِينَ عِنْدَ الْقَاضِي مِنْ لُزُومِ تَوَارُدِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِي الْفِعْلِ الْوَاحِدِ الِاخْتِيَارِيِّ قَالَ بِهَا فَحَكَمَ بِفَسَادِ الصَّلَاةِ وَلَمَّا صَحَّ عِنْدَهُ إجْمَاعُ السَّلَفِ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَأْمُرُوا بِالْقَضَاءِ فِي الْبُقَعِ الْمَغْصُوبَةِ قَالَ: إنَّ الْإِجْزَاءَ يَحْصُلُ عِنْدَهَا لَا بِهَا.

قِيلَ: فَإِنْ صَحَّ هَذَا الْإِجْمَاعُ فَلَا مَحِيصَ عَمَّا قَالَ، فَإِنَّهُ إعْمَالٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّلِيلَيْنِ فِي مَحَلِّهِ، وَأَنَّى يَصِحُّ هَذَا الْإِجْمَاعُ، وَخِلَافُ أَحْمَدَ قَدْ مَلَأَ الْأَسْمَاعَ، فَلَوْ سَبَقَهُ إجْمَاعٌ لَكَانَ أَجْدَرَ مِنْ الْقَاضِي بِمَعْرِفَتِهِ، وَمِمَّنْ مَنَعَ الْإِجْمَاعَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَقَالَ إلْكِيَا: مُسْتَنَدُهُ فِي سُقُوطِ الْقَضَاءِ إجْمَاعُ الْأَوَّلِينَ، وَالْإِجْمَاعُ إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>