للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَسْلَمْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُمْكِنٌ تَحْقِيقُهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَهُوَ مُمَاطِلٌ يُصَلِّي مَعَ الْمَطْلِ، فَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ وَإِمْكَانُ الْإِجْمَاعِ هَاهُنَا بَعِيدٌ، وَقَالَ الْمُقْتَرِحُ: نَقْلُ الْإِجْمَاعِ عَسِرٌ جِدًّا؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ السُّكُوتِيَّ لَا يَصِحُّ إلَّا مَعَ تَقْدِيرِ تَكَرُّرِ الْوَاقِعَةِ، وَالْغَصْبُ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانَ قَلِيلَ الْوُقُوعِ. اهـ. وَعَلَى تَقْدِيرِ اطِّلَاعِهِمْ عَلَيْهِ فَالْإِجْمَاعُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الْقَاضِي، وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي بَابِ الْآنِيَةِ مِنْ " شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ": أَنَّ أَصْحَابَنَا يَدَّعُونَ الْإِجْمَاعَ عَلَى الصِّحَّةِ قَبْلَ مُخَالَفَةِ أَحْمَدَ، وَهَذَا لَوْ تَمَّ دَفَعَ مَذْهَبَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ يُوَافِقُ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ، وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: مَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ النَّهْيَ هَلْ عَادَ لِعَيْنِ الصَّلَاةِ أَوْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهَا؟ فَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ أَبْطَلَهَا، وَقِيلَ: بَلْ أَصْلُ الْخِلَافِ: أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ هَلْ يَتَنَاوَلُ الْمَكْرُوهَ؟ فَعِنْدَنَا لَا يَتَنَاوَلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا. وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: يَتَنَاوَلُهُ.

وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِاسْتِحَالَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ طَلَبِ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ فِي فِعْلٍ وَاحِدٍ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ بِفِعْلٍ إذَا فَعَلَهُ عَلَى وَجْهٍ كَرِهَ الشَّرْعُ إيقَاعَهُ عَلَيْهِ، لَا يَكُونُ مُمْتَثِلًا. وَقِيلَ: يَتَوَجَّهُ عَلَى الْقَائِلِينَ بِالصِّحَّةِ صِحَّةُ يَوْمِ النَّحْرِ نَقْضًا، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَقَوْلُهُمْ: الْغَصْبُ مُنْفَكٌّ عَنْ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْوُقُوعِ يَوْمَ النَّحْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>