فِي هَذِهِ الصُّورَةِ التَّخْيِيرُ. اهـ.
وَقَدْ سَأَلَ الْغَزَالِيُّ الْإِمَامَ فِي كِبَرِهِ عَنْ هَذَا، فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ تَقُولُ لَا حُكْمَ وَأَنْتَ تَرَى أَنَّهُ لَا تَخْلُو وَاقِعَةٌ عَنْ حُكْمٍ؟ فَقَالَ: حُكْمُ اللَّهِ أَنْ لَا حُكْمَ، فَقُلْتُ لَهُ: لَا أَفْهَمُ هَذَا؟ وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: إنْ تَسَبَّبَ إلَى الْوُقُوعِ أَثِمَ بِالنَّسَبِ، وَإِلَّا فَلَا إثْمَ وَلَا ضَمَانَ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ مِنْ الْحَنَابِلَةِ: إنْ وَقَعَ عَلَى الْجَرْحَى بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لَزِمَهُ الْمُكْثُ، وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِسُقُوطِهِ، وَإِنْ تَلِفَ شَيْءٌ بِاسْتِمْرَارٍ وَكُرْهٍ، أَوْ بِانْتِقَالِهِ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى آخَرَ قَطْعًا. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي " شَرْحِ الْبُرْهَانِ " يُحْتَمَلُ وُجُوبُ الْبَقَاءِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ اسْتِئْنَافُ فِعْلٍ بِالِاخْتِيَارِ مُهْلِكٍ وَلَا كَذَلِكَ الِاسْتِصْحَابُ، فَإِنَّهُ أَشْبَهُ بِالْعَدَمِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: يَنْتَقِلُ؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ يُحَقِّقُ الْمَصْلَحَةَ فِي سَلَامَةِ الْمُنْتَقِلِ عَنْهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَهْلِكَ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ، أَوْ يَمُوتَ بِأَجَلِهِ قَبْلَ الْجُثُومِ إلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَخَيَّرَ؛ لِتَعَادُلِ الْمَفْسَدَتَيْنِ.
قَالَ: وَلَعَمْرِي لَقَدْ دَلَّسَ بِفَرْضِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَضِيقُ كَمَا زَعَمَ إلَّا بِأَنْ نَفْرِضَ جَوْهَرَيْنِ مُفْرَدَيْنِ مُتَلَاصِقَيْنِ، قَدْ جَثَمَ جَوْهَرٌ فَرْدٌ عَلَى أَحَدِهِمَا فَإِنْ بَقِيَ أَهْلَك، وَإِنْ انْتَقَلَ فَرَّ مِنْ انْتِقَالِهِ عَنْ الْجَوْهَرِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ زَمَنُ جُثُومِهِ عَلَى الْجَوْهَرِ الثَّانِي لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَهُمَا زَمَنٌ وَهَذَا فَرْضٌ مُسْتَحِيلٌ، فَإِنَّ الْأَجْسَامَ أَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَزْمِنَةُ انْتِقَالِهَا مَعْدُودَةٌ، فَهُوَ إذَا انْتَقَلَ مَضَتْ أَزْمِنَةٌ بَيْنَ الِانْتِقَالِ وَالْجُثُومِ هُوَ فِيهَا سَالِمٌ مِنْ الْقَضِيَّتَيْنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمُوتَ الثَّانِي قَبْلَ الْجُثُومِ عَلَيْهِ، فَيَسْلَمُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ مُطْلَقًا فَالِانْتِقَالُ مُتَرَجِّحٌ فَيَتَعَيَّنُ، وَكَذَلِكَ مُتَوَسِّطُ الْبُقْعَةِ الْمَغْصُوبَةِ، حُكْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وُجُوبُ الْخُرُوجِ، وَيَكُونُ بِهِ مُطِيعًا لَا عَاصِيًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute