للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفَرَّقَ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْهَيْئَةِ: بِأَنَّ الْهَيْئَةَ مَا يَتَهَيَّأُ بِهَا فِعْلُ الْعِبَادَةِ، وَالسُّنَّةَ مَا كَانَتْ فِي أَفْعَالِهَا الرَّاتِبَةِ فِيهَا، وَجَعَلَ التَّسْمِيَةَ وَغَسْلَ الْكَفَّيْنِ فِي الْوُضُوءِ مِنْ الْهَيْئَاتِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمَا سُنَّةٌ، وَالْخِلَافُ يَرْجِعُ إلَى الْعِبَارَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو تَمَّامٍ بِمَكَّةَ. قَالَ: سَأَلْت الشَّيْخَ أَبَا إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيَّ بِبَغْدَادَ عَنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ: إنَّهُ سُنَّةٌ وَفَضِيلَةٌ وَنَفْلٌ وَهَيْئَةٌ، فَقَالَ: هَذِهِ عَامِّيَّةٌ فِي الْفِقْهِ، وَمَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إلَّا فَرْضٌ لَا غَيْرُ. قَالَ: وَقَدْ اتَّبَعَهُمْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ فَذَكَرَ أَنَّ فِي الصَّلَاةِ سُنَّةً وَهَيْئَةً، وَأَرَادَ بِالْهَيْئَةِ رَفْعَ الْيَدَيْنِ وَنَحْوَهُ. قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ يَرْجِعُ إلَى السُّنَّةِ. قَالَ: وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ سَأَلْت عَنْ هَذَا أُسْتَاذِي الْقَاضِي أَبَا الْعَبَّاسِ الْجُرْجَانِيَّ بِالْبَصْرَةِ. فَقَالَ: هَذِهِ أَلْقَابٌ لَا أَصْلَ لَهَا، وَلَا نَعْرِفُهَا فِي الشَّرْعِ. قُلْت لَهُ: قَدْ ذَكَرَهَا أَصْحَابُنَا الْبَغْدَادِيُّونَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ، فَقَالَ: الْجَوَابُ عَلَيْكُمْ.

قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَفَرَّقَ أَصْحَابُنَا النُّظَّارُ، فَقَالُوا: السُّنَّةُ مَا صَلَّاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَمَاعَةٍ وَدَاوَمَ عَلَيْهَا، وَلِهَذَا لَمْ يَجْعَلْ مَالِكٌ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>