للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشَرْعًا: عِبَارَةٌ عَنْ الْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ السَّالِمِ مُوجِبُهُ عَنْ الْمُعَارِضِ، كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَمَشْرُوعِيَّةِ الْبَيْعِ وَغَيْرِهَا مِنْ التَّكَالِيفِ.

قِيلَ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْإِبَاحَةَ حَيْثُ لَا يَقُومُ دَلِيلُ الْمَنْعِ عَزِيمَةٌ، وَهُوَ لَا يُطَابِقُ الْوَضْعَ اللُّغَوِيَّ، وَلَا الِاصْطِلَاحَ الْفِقْهِيَّ، فَإِنَّهُ فِي اللُّغَةِ يَدُلُّ عَلَى التَّأْكِيدِ وَالْجَزْمِ كَمَا يُقَالُ عَزَمْت عَلَيْك بِكَذَا وَكَذَا، وَلِهَذَا يُقَابِلُونَهُ بِمَا فِيهِ تَرْخِيصٌ، وَالْإِبَاحَةُ بِمُجَرَّدِهَا لَيْسَ فِيهَا هَذَا الْمَعْنَى.

وَفِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ وَالْآمِدِيَّ مَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهَا بِالْوَاجِبَاتِ فَإِنَّهُمَا قَالَا: مَا لَزِمَ الْعِبَادَ بِإِلْزَامِ اللَّهِ تَعَالَى. أَيْ بِإِيجَابِهِ.

وَلَيْسَ كَمَا قَالَا، فَإِنَّهَا تُذْكَرُ فِي مُقَابَلَةِ الرُّخْصَةِ، وَالرُّخْصَةُ تَكُونُ فِي الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ، فَكَذَلِكَ مَا يُقَابِلُهَا، وَمِثَالُ دُخُولِ الْإِبَاحَةِ فِيهَا قَوْلُهُمْ: " ص " مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَدُخُولُ الْحَرَامِ تَحْرِيمُ الْمَيْتَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَخْمَصَةِ هُوَ عَزِيمَةٌ، لِأَنَّ حُكْمَهَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ خَلَا عَنْ الْمُعَارِضِ، فَإِذَا وُجِدَتْ الْمَخْمَصَةُ حَصَلَ الْمُعَارِضُ لِدَلِيلِ التَّحْرِيمِ، وَهُوَ رَاجِحٌ عَلَيْهِ حِفْظًا لِلنَّفْسِ، فَجَازَ الْأَكْلُ.

قَالَ أَصْحَابُنَا: تَرْكُ الصَّلَاةِ فِي حَقِّ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ عَزِيمَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>