للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَإِنَّمَا كَانَ عَزِيمَةً لِكَوْنِهَا مُكَلِّفَةً بِتَرْكِهَا، وَمُقْتَضَى الدَّلِيلِ أَنَّ مَنْ كُلِّفَ بِتَرْكِ شَيْءٍ لَمْ يُكَلَّفْ بِفِعْلِهِ فِي حَالِ تَكْلِيفِهِ بِتَرْكِهِ، وَأَمَّا الْقَضَاءُ فَإِنَّمَا يَجِبُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، وَلَمْ يَرِدْ.

الرُّخْصَةُ

وَأَمَّا الرُّخْصَةُ فَهِيَ لُغَةً: الْيُسْرُ وَالسُّهُولَةُ، وَمِنْهُ رَخُصَ السِّعْرُ إذَا تَرَاجَعَ وَسَهُلَ الشِّرَاءُ، وَفِيهَا لُغَاتٌ ثَلَاثٌ: رُخُصَةٌ بِضَمِّ الرَّاءِ وَالْخَاءِ، وَرُخْصَةٌ بِإِسْكَانِ الْخَاءِ، فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُخَفَّفَةً مِنْ الْأُولَى، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَصْلًا بِنَفْسِهَا، وَالثَّالِثَةُ: خُرْصَةٌ بِتَقْدِيمِ الْخَاءِ حَكَاهَا الْفَارَابِيُّ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّهَا مَقْلُوبَةٌ مِنْ الْأُولَى، وَقَدْ اُشْتُهِرَ عَلَى أَلْسُنِ النَّاسِ فَتْحُ الْخَاءِ وَلَا يَشْهَدُ لَهُ سَمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ، لِأَنَّ " فُعَّلَةٌ " تَكُونُ لِلْفَاعِلِ كَهُمَزَةٍ وَلُمَزَةٍ وَضُحَكَةٌ، وَلِلْمَفْعُولِ كَلُقَطَةٍ، فَقِيَاسُهُ إنْ ثَبَتَ هُنَا: أَنْ يَكُونَ اسْمًا لِلْكَثِيرِ الرَّخِيصِ عَلَى غَيْرِهِ إذَا فَشَا الرُّخْصُ فِيهِ.

وَقَالَ الْآمِدِيُّ فِي الْإِحْكَامِ ": الرُّخْصَةُ بِفَتْحِ الْخَاءِ: الْأَخْذُ بِالرُّخْصَةِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْأَخْذِ الْمَصْدَرَ، وَيُحْتَمَلُ أَرَادَ اسْمَ الْفَاعِلِ، وَالْقِيَاسُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمَنْقُولُ.

وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ: فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَقَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ: مَا جَازَ فِعْلُهُ مَعَ قِيَامِ الْمُقْتَضِي لِلْمَنْعِ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الرُّخْصَةَ هِيَ الْحُكْمُ، وَأَنَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>