قَدْ تَكُونُ بِجَوَازِ التَّرْكِ، وَأَنَّ التَّكَالِيفَ كُلَّهَا كَذَلِكَ، لِأَنَّهَا عَلَى خِلَافِ التَّخْفِيفِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ، كَذَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ التَّكَالِيفَ كُلَّهَا بَعْضُ مَا هُوَ يَسْتَحِقُّ عَلَى الْعَبْدِ لِلَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مَاشٍ عَلَى الْأَصْلِ. وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: طَلَبُ الْفِعْلِ السَّالِمِ عَنْ الْمَانِعِ الْمُشْتَهِرِ، وَاحْتُرِزَ بِالْمُشْتَهِرِ عَنْ نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَى نَفْسِهِ الْعُقُودَ الْمُخَالِفَةَ لِلْقِيَاسِ كَالسَّلَمِ وَالْمُسَابَقَةِ.
وَقَالَ الْهِنْدِيُّ: مَا جَازَ فِعْلُهُ أَوْ تَرْكُهُ مَعَ قِيَامِ الْمَانِعِ مِنْهُ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ.
وَقِيلَ: مَا لَزِمَ الْعِبَادَ بِإِيجَابِهِ تَعَالَى وَفِيهِ نَظَرٌ.
وَقِيلَ: مَا خَرَجَ عَنْ الْوَضْعِ الْأَصْلِيِّ لِعَارِضٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْمَشْرُوعُ لِعُذْرٍ مَعَ قِيَامِ الْمُحَرَّمِ لَوْلَا الْعُذْرُ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ التَّعَبُّدُ بِالتَّحْرِيمِ.
وَقِيلَ: اسْتِبَاحَةُ الْمَحْظُورِ مَعَ قِيَامِ الْمُحَرَّمِ، فَإِنْ أُرِيدَ إبَاحَةُ الْمَحْظُورِ مَعَ قِيَامِ الْمُحَرَّمِ بِلَا حُرْمَةٍ فَهُوَ قَوْلٌ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ، وَإِنْ أُرِيدَ إبَاحَةُ الْمَحْظُورِ مَعَ قِيَامِ الْحُرْمَةِ، فَهُوَ قَوْلٌ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْمُتَضَادَّيْنِ، وَكِلَاهُمَا فَاسِدٌ.
وَقِيلَ: الْحُكْمُ مَعَ الْمُعَارِضِ أَيْ مَعَ قِيَامِ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى الْمَنْعِ.
وَقِيلَ: الْحُكْمُ الثَّابِتُ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ لِعُذْرٍ مَعَ كَوْنِهِ حَرَامًا فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَعْذُورِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْفُقَهَاءِ مَا ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ أَيْ الشَّرْعِيِّ، لَا الْقِيَاسِ الْعَقْلِيِّ الْمَصْلَحِيِّ، لِأَنَّهُ إنَّمَا عَدَلَ بِهِ عَنْ نَظَائِرِهِ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ. هَذَا فِي جَانِبِ الْفِعْلِ، وَفِي جَانِبِ التَّرْكِ أَنْ يُوسِعَ لِلْمُكَلَّفِ تَرْكُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute