للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَيْضِ، وَخَالَفَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ، فَقَالَ: الْحَيْضُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّوْمِ دُونَ وُجُوبِهِ، وَنَسَبَهُ إلَى الْحَنَفِيَّةِ وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْقَضَاءَ فِي مَحَلِّ الْوِفَاقِ هَلْ كَانَ لِاسْتِدْرَاكِ مَصْلَحَةِ مَا انْعَقَدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ فَيَكُونُ هَاهُنَا حَقِيقَةً لِانْعِقَادِ سَبَبِ الْوُجُوبِ، أَوْ لِاسْتِدْرَاكِ مَصْلَحَةِ مَا وَجَبَ فَيَكُونُ هَاهُنَا مَجَازًا لِعَدَمِ الْوُجُوبِ؟ وَذَكَرَ سُلَيْمٌ الرَّازِيَّ: أَنَّ مَأْخَذَ الْخِلَافِ أَنَّ الْقَضَاءَ هَلْ يَجِبُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ أَمْ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ؟ فَمَنْ أَوْجَبَهُ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ أَطْلَقَ اسْمَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ حَقِيقَةً وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَكُونُ مَجَازًا، ثُمَّ إذَا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ سَبْقِ الْوُجُوبِ فِي الْقَضَاءِ، فَهَلْ يُعْتَبَرُ وُجُوبُهُ عَلَى الْمُسْتَدْرِكِ أَوْ وُجُوبُهُ فِي الْجُمْلَةِ؟ قَوْلَانِ. وَيَتَحَصَّلُ مِنْ ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:

الْأَوَّلُ: وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ فِعْلَهُمْ فِي الزَّمَانِ الثَّانِي قَضَاءٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقَضَاءِ سَبْقُ الْوُجُوبِ فِي الْجُمْلَةِ لَا سَبْقُ الْوُجُوبِ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ بِقَضَاءٍ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ التَّرْكِ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ بِسَبَبِهِ، وَفِعْلُهُمْ فِي الزَّمَنِ الثَّانِي قَضَاءٌ.

قُلْنَا: لَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَاجِبَانِ عَلَيْهِمْ بِأَسْبَابِهِمَا لَمَا جَازَ لَهُمْ تَرْكُهُمَا لَكِنْ يَجُوزُ لَهُمْ تَرْكُهُمَا إجْمَاعًا.

قَالُوا: شُهُودُ الشَّهْرِ مُوجِبٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥] وَهُمْ قَدْ شَهِدُوا الشَّهْرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>