قُلْنَا: شُهُودُ الشَّهْرِ وَإِنْ كَانَ مُوجِبًا لِلصَّوْمِ عَلَيْهِمْ لَكِنَّ الْعُذْرَ مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ، وَالشَّيْءُ قَدْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مُوجِبِهِ لِمَانِعٍ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ شُهُودِ الشَّهْرِ وُجُوبُ الصَّوْمِ عَلَيْهِمْ.
قَالَ فِي الْمَحْصُولِ ": فَفِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ اسْمُ الْقَضَاءِ إنَّمَا جَاءَ لِأَنَّهُ وَجَدَ سَبَبَ الْوُجُوبِ مُنْفَكًّا عَنْ الْوُجُوبِ، لَا لِأَنَّهُ وَجَدَ سَبَبَ الْوُجُوبِ كَمَا يَقُولُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ التَّرْكِ جُزْءُ مَاهِيَةِ الْوُجُوبِ، فَيَسْتَحِيلُ تَحَقُّقُ الْوُجُوبِ مَعَ جَوَازِ التَّرْكِ.
ثُمَّ تَقَدُّمُ السَّبَبِ قَدْ يَكُونُ مَعَ التَّأْثِيمِ بِالتَّرْكِ كَالْقَاتِلِ الْمُتَعَمِّدِ الْمُتَمَكِّنِ مِنْ الْفِعْلِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ كَالْحَائِضِ، ثُمَّ قَدْ يَصِحُّ مَعَ الْإِجْزَاءِ وَقَدْ لَا يَصِحُّ إمَّا شَرْعًا كَالْحَيْضِ أَوْ عَقْلًا كَالنَّوْمِ، ثُمَّ قِيلَ: الْقَضَاءُ لَا يُوصَفُ إلَّا بِالْوَاجِبِ، وَقِيلَ: لَا يُوصَفُ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ غَيْرَهُ وَهُمَا فَاسِدَانِ.
وَالصَّوَابُ: أَنَّ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ كُلٌّ مِنْهُمَا يُوصَفُ بِالثَّلَاثَةِ، وَلِهَذَا يَقُولُونَ: يَقْضِي الرَّوَاتِبَ عَلَى الْأَظْهَرِ.
تَنْبِيهٌ [لَا فَرْقَ بَيْنَ تَسْمِيَةِ الْقَضَاءِ أَدَاءً وَبِالْعَكْسِ]
مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ رَاجِعٌ إلَى التَّلْقِيبِ وَالِاصْطِلَاحِ، وَإِلَّا فَعِنْدَنَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُسَمَّى الْقَضَاءُ أَدَاءً وَالْأَدَاءُ قَضَاءً، وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يُعْقَدَ الْقَضَاءُ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ، فَإِذَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا هِيَ أَلْفَاظٌ وَأَلْقَابٌ تُطْلَقُ وَالْحَقِيقَةُ وَاحِدَةٌ، كَذَا قَالَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي الْأَوْسَطِ " ذَيَّلَ الْكَلَامَ فِي أَنَّ الْقَضَاءَ هَلْ يَجِبُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ؟ وَهُوَ مُنَازَعٌ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute