للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَلْ انْتِفَاءُ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ لِعَدَمِ الْحُكْمِ كَمَا قَبْلَ الشَّرْعِ أَوْ حُكْمٌ مِنْ اللَّهِ تَخْفِيفًا عَنْهُ؟ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ، وَعَلَيْهِ يُنْبِي مَا سَبَقَ فِي مَعْنَى رَفْعِ الْقَلَمِ. وَهَلْ يُخَاطَبُ بِالنَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ؟ الْجُمْهُورُ عَلَى الْمَنْعِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْحَابِنَا فِي الْفُرُوعِ حَيْثُ قَالُوا: إنَّهُ مَأْمُورٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ بِالنَّدْبِ، وَلِهَذَا جَعَلُوا لَهُ إنْكَارَ الْمُنْكَرِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ. التَّنْبِيهُ الثَّانِي: إذَا عَلَّقْنَا التَّكْلِيفَ بِالْبُلُوغِ، فَهَلْ يَصِيرُ مُكَلَّفًا بِمُجَرَّدِهِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَمْضِيَ بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنْ الزَّمَانِ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ التَّعْرِيفُ وَالْقَبُولُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

حَكَاهُمَا الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ فِي كِتَابِ " فَهْمِ السُّنَنِ ".

قَالَ: وَقَوْلُنَا: إنَّهُ يَصِيرُ مُكَلَّفًا فِي الْوَقْتِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَانِعٌ، فَإِذَا انْقَضَى وَقْتُ أَدَائِهِ وَلَمْ يَعْلَمْهُ كَانَ عَاصِيًا بِتَرْكِهِ الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ بِهِ.

[الشَّرْطُ] الرَّابِعُ: الْعَقْلُ

فَالْمَجْنُونُ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ إجْمَاعًا، وَيَسْتَحِيلُ تَكْلِيفُهُ لِأَنَّهُ لَا يَعْقِلُ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ، وَلَا يَبْعُدُ مِنْ الْقَائِلِينَ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ جَوَازُ تَكْلِيفِهِ كَالْغَافِلِ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ بِوُجُوبِ قَضَاءِ الصَّوْمِ عَلَى الْمَجْنُونِ. نَصَّ عَلَيْهَا فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَضَعَّفَهَا مُحَقِّقُو أَصْحَابِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى غَيْرِ الْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ، كَمَنْ يُفِيقُ أَحْيَانًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>