للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ فِي الْمُرْشِدِ ": وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الْمَجْنُونُ مَأْمُورٌ بِشَرْطِ الْإِفَاقَةِ كَمَا يُوَجَّهُ عَلَى الْمَعْدُومِ بِشَرْطِ الْوُجُودِ، وَيَجِيءُ مِثْلُهُ فِي الصَّبِيِّ، وَسَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَا الْجُنُونُ الطَّارِئُ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ الْمُقَارِنِ لَهُ. نَعَمْ طُرُوءُ الْجُنُونِ عَلَى الْكَافِرِ لَا يَمْنَعُ التَّكْلِيفَ، وَلِهَذَا لَوْ جُنَّ الْمُرْتَدُّ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ، وَإِنْ سَقَطَتْ عَنْ الْمَجْنُونِ الْمُسْلِمِ.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: وَمِقْدَارُ الْعَقْلِ الْمُقْتَضِي لِلتَّكْلِيفِ أَنْ يَكُونَ مُمَيِّزًا بَيْنَ الْمَضَارِّ وَالْمَنَافِعِ، وَيَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يَسْتَدِلَّ وَيَسْتَشْهِدَ عَلَى مَا لَمْ يُعْلَمْ بِاضْطِرَارٍ، فَمَنْ كَانَ هَذَا وَصْفُهُ كَانَ عَاقِلًا، وَإِلَّا فَلَا. قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: وَلَمَّا كَانَ النَّاسُ مُتَفَاوِتِينَ فِي تَكَامُلِ الْعُقُولِ كُلِّفَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ مَا يَصِلُ إلَيْهِ عَقْلُهُ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُجَازِي كُلَّ إنْسَانٍ عَلَى قَدْرِ عَقْلِهِ» وَانْظُرْ إلَى قَوْلِ عُمَرَ لِرَجُلٍ عَيِيٍّ. أَشْهَدُ أَنَّ خَالِقَك وَخَالِقَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَاحِدٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>