وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ مِنْ تَعْلِيقِهِ ": جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ: " عَلِّمُوا النَّاسَ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ "؟ أَيْ لَا تَنْبُوَا الْأَفْهَامُ عَنْهُ، فَيُكَذَّبُونَ لِذَلِكَ. وَقِيلَ: إنَّ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ عَلَى الْعَقْلِ.
[الشَّرْطُ] الْخَامِسُ: الْفَهْمُ
وَالْمَعْنَى فِيهِ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْقَوَاعِدِ ": إنَّ الْإِتْيَانَ بِالْفِعْلِ عَلَى سَبِيلِ الْقَصْدِ وَالِامْتِثَالُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ، وَهُوَ ضَرُورِيٌّ فَيُمْتَنَعُ تَكْلِيفُ الْغَافِلِ كَالنَّائِمِ وَالنَّاسِي لِمُضَادَّةِ هَذِهِ الْأُمُورِ الْفَهْمَ، فَيَنْتَفِي شَرْطُ صِحَّةِ التَّكْلِيفِ، وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى امْتِنَاعِ التَّكْلِيفِ بِالْمُحَالِ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» .
وَأَمَّا إيجَابُ الْعِبَادَةِ عَلَى النَّائِمِ وَالْغَافِلِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْإِيجَابِ حَالَةَ النَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ، لِأَنَّ الْإِيجَابَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، فَإِنْ قِيلَ: فَالنَّائِمُ يَضْمَنُ مَا يُتْلِفُهُ فِي نَوْمِهِ؟ قُلْنَا: الْخِطَابُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ عِنْدَ اسْتِيقَاظِهِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ عَنْهُ حَالَةَ النَّوْمِ، وَلِهَذَا قَالُوا: لَوْ أَتْلَفَ الصَّبِيُّ شَيْئًا ضَمِنَهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ.
وَقَالَ الْقَفَّالُ فِي الْأَسْرَارِ ": النَّهْيُ لَا يُلَاقِي السَّاهِيَ، إذْ لَا يُمْكِنُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute