الْآمِدِيُّ: إنَّهُ الْحَقُّ وَقَرَّرَهُ الْقَرَافِيُّ، وَيَنْبَنِي كَلَامُ الْمُطْلِقِينَ عَلَى أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ فِيهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ بَرْهَانٍ: إنَّ الْمُعْتَزِلَةَ لَا يُخَالِفُونَ فِي تَكْلِيفِ الْمُكْرَهِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا سَبَقَ مِنْ نَقْلِ الْفُحُولِ عَنْهُمْ، وَكَذَلِكَ نَقْلُهُ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ لَا يُوجَدُ فِي مَشَاهِيرِ كُتُبِهِمْ، بَلْ قَالَ الْبَزْدَوِيُّ فِي كِتَابِهِ: الْمُكْرَهُ عِنْدَنَا مُكَلَّفٌ مُطْلَقًا، لِأَنَّهُ مُبْتَلًى بَيْنَ فَرْضٍ وَحَظْرٍ، وَإِبَاحَةٍ وَرُخْصَةٍ إلَخْ، وَقَدْ قَالُوا بِنُفُوذِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ وَعِتْقِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَسَبَقَ فِي فَصْلِ الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلتَّكْلِيفِ كَلَامُ صَاحِبِ الْمَبْسُوطِ " مِنْهُمْ فِيهِ وَنَقَلَ الْإِبْيَارِيُّ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْشَاءِ، فَالْإِكْرَاهُ لَا يُؤَثِّرُ عِنْدَهُمْ فِي الْإِقْرَارِ وَيُؤَثِّرُ فِي الْإِنْشَاءِ.
وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَإِنَّهُمْ بَنَوْا امْتِنَاعَ تَكْلِيفِ الْمُكْرَهِ بِفِعْلِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ عَلَى قَاعِدَتَيْنِ:
إحْدَاهُمَا: الْقَوْلُ بِالتَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ الْعَقْلِيَّيْنِ.
وَالْأُخْرَى: وُجُوبُ الثَّوَابِ عَلَى اللَّهِ، لِأَنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ، عِنْدَهُمْ الْإِثَابَةُ.
وَقَدْ نَقَضَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مَذْهَبَ الْمُعْتَزِلَةِ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ الْقَتْلُ عَلَى مَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ، وَكَذَا الزِّنَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، فَقَدْ كُلِّفَ حَالَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute