للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجَاهِلُ بِوُقُوعِ الشَّرْطِ جَاهِلٌ بِوُقُوعِ الْمَشْرُوطِ لَا مَحَالَةَ، وَتَمَسَّكَ الْقَاضِي بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى تَوَجُّهِ الْأَمْرِ إلَى الْمُكَلَّفِ، وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَقَوْلُهُمْ: يُفْضِي إلَى أَنَّهُ لَيْسَ يَعْلَمُ أَحَدٌ عَلَى بَسِيطِ الْأَرْضِ أَنَّهُ يُنْهَى عَنْ الْقَتْلِ وَالزِّنَا، وَكَمَا لَا يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَعْلَمُ غَيْرُهُ مِنْهُ.

وَمَالَ الْإِمَامُ إلَى قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَقَالَ: تَشْغِيبُ الْقَاضِي بِالْإِجْمَاعِ تَهْوِيلٌ بِلَا تَحْصِيلٍ، فَإِنَّ إطْلَاقَاتِ الشَّرْعِ لَا تُعْرَضُ عَلَى مَأْخَذِ الْحَقَائِقِ بَلْ تُحْمَلُ عَلَى حُكْمِ الْعُرْفِ وَالتَّفَاهُمِ الظَّاهِرِ كَالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْخَمْرَ مُحَرَّمٌ، وَإِنَّمَا الْمُحَرَّمُ تَعَاطِيهَا.

تَنْبِيهَاتٌ [التَّنْبِيهُ] الْأَوَّلُ

الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ: الْقَطْعِيُّ أَيْ: أَنَّهُ هَلْ يَقْطَعُ بِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا قَبْلَ زَمَنِ الِامْتِثَالِ؟ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ وَابْنُ بَرْهَانٍ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ أَبَا هَاشِمٍ لَا يُخَالِفُ فِي الظَّنِّ، فَإِنَّ الشُّرُوعَ فِي الْفِعْلِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَطْعُ بَلْ تَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ مَهْمَا بَادَرَ وَاسْتَمَرَّ فِي حَيَاتِهِ إلَى الْفَرَاغِ. [التَّنْبِيهُ] الثَّانِي

أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا كَانَ الْآمِرُ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا يَبْقَى إلَى وَقْتِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِامْتِثَالِ، فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بَقَاءَهُ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمَأْمُورَ يَعْلَمُ ذَلِكَ أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>