للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَنْ قَوْمٍ مِنْ الْمُبْتَدَعَةِ أَنَّ الْكُفَّارَ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِهَذِهِ الْمَعَارِفِ. قَالَ: وَاخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ رَآهَا ضَرُورِيَّةً، فَلِهَذَا لَمْ يُؤْمَرُوا بِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ رَآهَا كَسْبِيَّةً، وَلَكِنَّهُ مَنَعَ الْخِطَابَ لِمَا يُذْكَرُ فِي غَيْرِ هَذَا الْفَنِّ. اهـ.

وَتَرَدَّدَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي كَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ هَلْ هِيَ مِنْ الْفُرُوعِ؟ حَتَّى لَا يُكَلَّفُوا بِهَا عَلَى قَوْلٍ، لِأَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ وَالشَّهَادَةُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ.

وَمُقَدَّمَاتُ الْإِيمَانِ، كَالنَّظَرِ هَلْ هِيَ مُلْحَقَةٌ بِالْإِيمَانِ حَتَّى تَكُونَ وَاجِبَةً عَلَيْهِ أَوْ يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ فِي مُقَدَّمَةِ الْوَاجِبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَإِنْ كَانَ مُرَتَّبًا عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَهِيَ فُرُوعُ الشَّرِيعَةِ، فَالْكَلَامُ فِي الْجَوَازِ وَالْوُقُوعِ.

[جَوَازُ خِطَابِ الْكُفَّارِ بِالْفُرُوعِ عَقْلًا]

أَمَّا الْجَوَازُ عَقْلًا فَمَحَلُّ وِفَاقٍ كَمَا قَالَهُ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ، وَمُرَادُهُ وِفَاقُ أَصْحَابِنَا، وَإِلَّا فَقَدْ نُقِلَ عَنْ ابْنِ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ " عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَاطِبُوا عَقْلًا بِالْفُرُوعِ، وَحَكَاهُ صَاحِبُ " كِفَايَةِ الْفُحُولِ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ " مِنْ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ: أَجَازَهُ عَقْلًا قَوْمٌ وَمَنَعَهُ آخَرُونَ.

[جَوَازُ خِطَابِ الْكُفَّارِ بِالْفُرُوعِ شَرْعًا]

أَمَّا شَرْعًا فَفِيهِ مَذَاهِبُ: أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِهَا مُطْلَقًا فِي الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي بِشَرْطِ تَقَدُّمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>