وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ فِي كِتَابِهِ فِي الْأُصُولِ: لَا خِلَافَ أَنَّ خِطَابَ الزَّوَاجِرِ مِنْ الزِّنَا وَالْقَذْفِ يَتَوَجَّهُ عَلَى الْكُفَّارِ كَمَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. اهـ.
وَهَذَا يُوجِبُ التَّوَقُّفَ فِيمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ فِيمَا إذَا قَتَلَ الْحَرْبِيُّ مُسْلِمًا أَوْ أَتْلَفَ عَلَيْهِ مَالًا ثَمَّ أَسْلَمَ أَنَّهُ يَجِبُ ضَمَانُهَا إذَا قُلْنَا: إنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ. قَالَ: وَذَكَرَ الْعَبَّادِيُّ أَنَّهُ يُعْزَى ذَلِكَ أَيْضًا لِلْمُزَنِيِّ فِي " الْمَنْثُورِ ". وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّفْضِيلِ، لِأَنَّ النَّهْيَ فِي الْحَقِيقَةِ أَمْرٌ، وَكَأَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ التُّرُوكَ لَا تَفْتَقِرُ إلَى تَصَوُّرٍ بِخِلَافِ الْفِعْلِ
وَالرَّابِعُ: أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْأَوَامِرِ فَقَطْ. حَكَاهُ ابْنُ الْمُرَحَّلِ فِي " الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ " وَلَعَلَّهُ انْقَلَبَ مِمَّا قَبْلَهُ، وَيَرُدُّهُ الْإِجْمَاعُ السَّابِقُ عَلَى تَكْلِيفِهِمْ بِالنَّوَاهِي.
وَالْخَامِسُ: أَنَّ الْمُرْتَدَّ مُكَلَّفٌ دُونَ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ. حَكَاهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْمُلَخَّصِ " وَالطُّرْطُوشِيُّ فِي " الْعُمْدَةِ "، لِالْتِزَامِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ. وَلَا مَعْنًى لِهَذَا التَّفْصِيلِ، لِأَنَّ مَأْخَذَ النَّقِيِّ فِيهِمَا سَوَاءٌ، وَهُوَ جَهْلُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْخِلَافَ يَطْرُقُ الْأَصْلَ وَالْمُرْتَدَّ لَكِنْ ظَاهِرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute