بِالْأَمْرِ، وَلَيْسَ بِأَمْرٍ، وَكَذَلِكَ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ مِنْ الْحَنَابِلَةِ.
وَرَدَّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ الْفِعْلَ يَجِبُ بِالْأَمْرِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَا يُقَدِّمُهُ أَمْرًا لَاحْتَاجَ مَعَ الْفِعْلِ إلَى تَجْدِيدِ أَمْرٍ.
وَأَمَّا الْحَالُ، أَيْ: حَالَةُ وُقُوعِ الْفِعْلِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا: يُوصَى بِكَوْنِهِ مَأْمُومًا بِهِ. قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَنَفَاهُ الْمُعْتَزِلَةُ، وَكَذَا حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَإِلْكِيَا الطَّبَرِيِّ وَغَيْرُهُمْ.
وَنُقِلَ عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ الْأَمْرُ بِالْفِعْلِ حَالَ حُدُوثِهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُتَقَدِّمًا عَلَى وَقْتِ الْفِعْلِ، وَيَنْقَطِعُ التَّعَلُّقُ مِنْهُ حَالَ الْمُبَاشَرَةِ.
وَذَكَرَ الْإِمَامُ فِي " الْبُرْهَانِ " عَنْ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ الْفِعْلَ فِي حَالَ حُدُوثِهِ مَأْمُورٌ بِهِ، ثُمَّ عَلَّلَهُ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ أَصْلُهُ فِي أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ مَعَ الْفِعْلِ لَا قَبْلَهُ. وَأَمَّا أَصْلُهُ الْآخَرُ، وَهُوَ جَوَازُ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ، فَهُوَ يَقْتَضِي جَوَازَ التَّكْلِيفِ بِالْفِعْلِ قَبْلَ الِاسْتِطَاعَةِ فَلَعَلَّهُ بَنَاهُ عَلَى عَدَمِ الْوَقْعِ.
وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ الشَّيْخِ عَدَمَ انْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ حَالَ حُدُوثِ الْفِعْلِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ، فَلَيْسَ لِلشَّيْخِ فِي الْمَسْأَلَةِ صَرِيحُ كَلَامٍ، وَإِنَّمَا تُلُقِّيَ مِنْ قَضَايَا مَذْهَبِهِ.
وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ عَنْهُ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ حَالَ الْمُبَاشَرَةِ، كَذَا قَالَهُ الْهِنْدِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute