للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ الْكَلَامُ فِي مَوَاضِعَ:

أَحَدُهَا: بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرَادِ بِهَا وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهَا مَا وَرَاءَ السَّبْعِ، وَالصَّوَابُ: مَا وَرَاءَ الْعَشْرِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ أُخَرُ: يَعْقُوبُ وَخَلَفٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ غَيْرُ مُتَوَاتِرَةٍ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَقَدْ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِهِ " الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ الْقِرَاءَةِ بِهَا.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَوَاصِمِ: ضَبْطُ الْأَمْرِ عَلَى سَبْعِ قِرَاءَاتٍ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ، وَقَدْ جَمَعَ قَوْمٌ ثَمَانِيَ قِرَاءَاتٍ، وَقَوْمٌ عَشْرًا، أَصْلُ ذَلِكَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: «أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعِ أَحْرُفٍ» فَظَنَّ قَوْمٌ أَنَّهَا سَبْعُ قِرَاءَاتٍ وَهَذَا بَاطِلٌ، وَتَيَمَّنَ آخَرُونَ بِهَذَا اللَّفْظِ فَجَمَعُوا سَبْعَ قِرَاءَاتٍ. وَبَعْدَ أَنْ ضَبَطَ اللَّهُ الْحُرُوفَ وَالسُّوَرَ، فَلَا مُبَالَاةَ بِهَذِهِ التَّكْلِيفَاتِ. وَسَبَقَ عَنْهُ أَنَّ قِرَاءَةَ أَبِي جَعْفَرٍ ثَابِتَةٌ لَا كَلَامَ فِيهَا. اهـ.

الثَّانِي: بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقِرَاءَةِ بِهَا.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ: وَلَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِشَيْءٍ مِنْ الشَّوَاذِّ لِخُرُوجِهَا عَنْ إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَعَنْ الْوَجْهِ الَّذِي ثَبَتَ بِهِ الْقُرْآنُ، وَهُوَ الْمُتَوَاتِرُ وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلْعَرَبِيَّةِ وَخَطِّ الْمُصْحَفِ، لِأَنَّهُ جَاءَ مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ، إنْ كَانَتْ نَقَلَتُهُ ثِقَاتٍ.

قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَالشَّأْنُ فِي الضَّبْطِ مَا تَوَاتَرَ مِنْ ذَلِكَ وَمَا اُجْتُمِعَ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ الشَّاشِيُّ فِي الْمُسْتَظْهِرِيِّ " عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَنَّ الصَّلَاةَ بِالْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ لَا تَصِحُّ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ ": تَحْرُمُ.

الثَّالِثُ: فِي الِاحْتِجَاجِ بِهَا فِي الْأَحْكَامِ وَتَنْزِيلِهَا مَنْزِلَةَ الْخَبَرِ. اعْلَمْ أَنَّ الْآمِدِيَّ نَسَبَ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ إلَى الشَّافِعِيِّ. وَكَذَا ادَّعَى

<<  <  ج: ص:  >  >>