الْإِبْيَارِيُّ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ " أَنَّهُ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَكَذَلِكَ النَّوَوِيُّ، فَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ " مَذْهَبُنَا: أَنَّ الْقِرَاءَةَ الشَّاذَّةَ لَا يُحْتَجُّ بِهَا، وَلَا يَكُونُ لَهَا حُكْمُ الْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لِأَنَّ نَاقِلَهَا لَمْ يَنْقُلْهَا إلَّا عَلَى أَنَّهَا قُرْآنٌ، وَالْقُرْآنُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالتَّوَاتُرِ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ قُرْآنًا لَمْ يَثْبُتْ خَبَرًا، وَالْمُوقِعُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ دَعْوَى إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ ": أَنَّ ذَلِكَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَتَبِعَهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ الْقُشَيْرِيّ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ " وَإِلْكِيَا الطَّبَرِيِّ فِي التَّلْوِيحِ "، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي الْقَوَاطِعِ " وَغَيْرُهُمْ، فَقَالَ إلْكِيَا: الْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ مَرْدُودَةٌ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُهَا فِي الْمُصْحَفِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ.
قَالَ: وَأَمَّا إيجَابُ أَبِي حَنِيفَةَ التَّتَابُعَ فِي صَوْمِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِأَجْلِ قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَلَيْسَ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ أَثْبَتَ نَظْمَهُ مِنْ الْقُرْآنِ، وَلَكِنْ أَمْكَنَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْقُرْآنِ فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ، ثُمَّ نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ، فَانْدَرَسَ مَشْهُورٌ رَسْمُهُ فَنُقِلَ آحَادًا، وَالْحُكْمُ بَاقٍ، وَهَذَا لَا يُسْتَنْكَرُ فِي الْعُرْفِ.
قَالَ: وَالشَّافِعِيُّ لَا يُرَدُّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ اشْتِرَاطُ التَّتَابُعِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ: لَعَلَّ مَا زَادَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ تَفْسِيرًا مِنْهُ، وَمَذْهَبًا رَآهُ، فَلَا بُعْدَ فِي تَقْدِيرِهِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِإِسْنَادِهِ إلَى الْقُرْآنِ. فَإِنْ قَالُوا: لَا يَجُوزُ ضَمُّ الْقُرْآنِ إلَى غَيْرِهِ، فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ ضَمُّ مَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ إلَى الْقُرْآنِ تِلَاوَةً. وَهَذَا قَدْ يَدُلُّ مِنْ وُجْهَةٍ عَلَى بُطْلَانِ نَقْلِ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَإِنَّا عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ نُبْعِدُ قِرَاءَةَ مَا لَيْسَ مِنْ الْقُرْآنِ مَعَ الْقُرْآنِ.
وَقَالَ: وَالدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَى إبْطَالِ نِسْبَةِ الْقِرَاءَاتِ الشَّاذَّةِ إلَى الْقُرْآنِ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute