للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاهْتِمَامَ بِالْقُرْآنِ مِنْ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ بَذَلُوا أَرْوَاحَهُمْ فِي إحْيَاءِ مَعَالِمِ الدِّينِ يَمْنَعُ تَقْدِيرَ دُرُوسِهِ وَارْتِبَاطَ نَقْلِهِ بِالْآحَادِ.

قُلْت: وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيَّ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُمْ إنَّمَا عَمِلُوا بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ لِاسْتِفَاضَتِهَا وَشُهْرَتِهَا عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ، وَإِنْ كَانَ، إنَّمَا نُقِلَتْ إلَيْنَا الْآنَ بِطَرِيقِ الْآحَادِ، لِأَنَّ النَّاسَ تَرَكُوا الْقِرَاءَةَ بِهَا، وَاقْتَصَرُوا عَلَى غَيْرِهَا، وَكَلَامُنَا إنَّمَا هُوَ فِي أُصُولِ الْقَوْمِ. اهـ. وَذَكَرَ أَبُو زَيْدٍ فِي الْأَسْرَارِ " وَصَاحِبُ الْمَبْسُوطِ " مِنْ الْحَنَفِيَّةِ اشْتِرَاطَ الشُّهْرَةِ فِي الْقِرَاءَةِ عِنْدَ السَّلَفِ، وَلِهَذَا لَمْ يَعْمَلُوا بِقِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، " فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامِ أُخَرَ مُتَتَابِعَةٍ " لِأَنَّهَا قِرَاءَةٌ شَاذَّةٌ غَيْرُ مَشْهُورَةٍ، وَبِمِثْلِهَا لَا يَثْبُتُ الزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ، فَأَمَّا قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَدْ كَانَتْ مَشْهُورَةً فِي زَمَنِ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى كَانَ الْأَعْمَشُ يَقْرَأُ خَتْمًا عَلَى حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَخَتْمًا مِنْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ، وَالزِّيَادَةُ عِنْدَنَا تَثْبُتُ بِالْخَبَرِ الْمَشْهُورِ. اهـ.

تَنْبِيهَانِ [التَّنْبِيهُ] الْأَوَّلُ

إنَّ الْحَامِلَ لَهُمْ عَلَى نِسْبَةِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ لِلشَّافِعِيِّ عَدَمُ إيجَابِهِ التَّتَابُعَ فِي صَوْمِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مَعَ عِلْمِهِ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ، فَقَدْ سَبَقَ مِنْ كَلَامِ إلْكِيَا إبْطَالُ اسْتِنْبَاطِهِ مِنْهُ، وَقَدْ نَصَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مُخْتَصَرِ الْبُوَيْطِيِّ " عَلَى أَنَّهَا حُجَّةٌ فِي بَابِ الرَّضَاعِ، وَفِي بَابِ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ، فَقَالَ: ذَكَرَ اللَّهُ الرَّضَاعَ بِلَا تَوْقِيتٍ. وَرَوَتْ عَائِشَةُ التَّوْقِيتَ بِخَمْسٍ، وَأَخْبَرَتْ أَنَّهُ مِمَّا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ، وَهُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا فَأَقَلُّ حَالَاتِهِ أَنْ يَكُونَ عَنْ رَسُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>