للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ وَرَدَتْ لِبَيَانِ حُكْمٍ، فَهِيَ عِنْدَهُ حُجَّةٌ، كَحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الرَّضَاعِ وَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " أَيْمَانَهُمَا "، وَقَوْلُهُ: " لِقَبْلِ عِدَّتِهِنَّ ".

وَإِنْ وَرَدَتْ ابْتِدَاءَ حُكْمٍ، كَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " مُتَتَابِعَاتٍ "، فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ إلَّا أَنَّهُ قَدْ قِيلَ: إنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ مِمَّا أُنْزِلَ: " فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ " فَسَقَطَتْ " مُتَتَابِعَاتٍ ".

أَوْ يُقَالُ: الْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ إمَّا أَنْ تَرِدَ تَفْسِيرًا أَوْ حُكْمًا، فَإِنْ وَرَدَتْ تَفْسِيرًا فَهِيَ حُجَّةٌ كَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَيْمَانَهُمَا وَقَوْلِهِ: وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أُمٍّ وَقِرَاءَةِ عَائِشَةَ: " وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ "، وَإِنْ وَرَدَتْ حُكْمًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُعَارِضَهَا دَلِيلٌ آخَرُ أَمْ لَا، فَإِنْ عَارَضَهَا فَالْعَمَلُ لِلدَّلِيلِ كَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي صِيَامِ الْمُتَمَتِّعِ: " فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ "، فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: «إنْ شِئْت فَتَابِعْ أَوْ لَا» ، وَإِنْ لَمْ يُعَارِضْهَا دَلِيلٌ آخَرُ فَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، كَوُجُوبِ التَّتَابُعِ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ.

وَأَمَّا تَحْرِيرُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فَنَقَلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ، عَنْهُ أَنَّهُ يُنْزِلُهَا مَنْزِلَةَ خَبَرِ الْوَاحِدِ، قَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: وَهَذَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ: إنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ بَعْضِ النَّقَلَةِ لَا تُقْبَلُ، وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ الدَّبُوسِيُّ فِي كِتَابِ تَقْدِيمِ الْأَدِلَّةِ ": لَا تَثْبُتُ الْقِرَاءَةُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَلِهَذَا قَالَتْ الْأَئِمَّةُ، فِيمَنْ قَرَأَ فِي صَلَاتِهِ بِكَلِمَاتٍ تَفَرَّدَ بِهَا ابْنُ مَسْعُودٍ: إنَّ صَلَاتَهُ لَا تَجُوزُ كَمَا لَوْ قَرَأَ خَبَرًا مِنْ أَخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قَالَ: وَإِنَّمَا أَخَذْنَا بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " مُتَتَابِعَاتٍ " لِإِيجَابِ التَّتَابُعِ فِي الْكَفَّارَةِ، فَأَخَذْنَا بِهَا عَمَلًا كَمَا لَوْ رَوَى خَبَرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>