الطَّلَبِ، وَحَذِرَ مِنْ الْحَذَرِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ مُسَاوِيَةٌ لِهَذِهِ الْمَصَادِرِ وَأَنَّهُ يَقْدَحُ فِي كَوْنِ التَّغْيِيرِ رُكْنًا فِي الِاشْتِقَاقِ.
وَجَوَابُهُ: أَنَّ حَرَكَةَ الْإِعْرَابِ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا، وَحَرَكَةُ الْبِنَاءِ مُعْتَدٌّ بِهَا
وَنَازَعَهُ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ بْنُ الشَّرِيشِيِّ، وَقَالَ: حَرَكَةُ الْإِعْرَابِ كَمَا لَا يُعْتَدُّ بِهَا فِي صِيغَةِ الْكَلِمَةِ وَبِنْيَتِهَا فَكَذَلِكَ حَرَكَةُ الْبِنَاءِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَارِئَةٌ عَلَى الْكَلِمَةِ بَعْدَ حُصُولِ صِيغَتِهَا وَتَقْرِيرِ بِنْيَتِهَا إنْ كَانَتْ لَهَا بِنْيَةٌ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ حَرَكَةَ الْإِعْرَابِ تَتَغَيَّرُ عِنْدَ تَغَيُّرِ الْعَامِلِ، أَلَا تَرَى أَنَّك تَقُولُ: خَرَجَ زَيْدٌ خَرَجَ عَمْرٌو فَلَا يَتَغَيَّرُ آخِرُ خَرَجَ، وَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ، وَتَقُولُ: خَرَجْت وَدَخَلْت بِتَغَيُّرِ آخِرِهِ لِاتِّصَالِ الضَّمِيرِ بِهِ مَعَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ النُّحَاةِ لَا يَقُولُ: إنَّ بِنْيَةَ الْفِعْلِ تَغَيَّرَتْ؟ فَعُلِمَ أَنَّ حَرَكَةَ لَامِ الْكَلِمَةِ أَوْ سُكُونَهَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا فِي بِنْيَةِ الْكَلِمَةِ، فَلَا يُعَدُّ وُجُودُهَا زِيَادَةً وَلَا زَوَالُهَا نَقْصًا. وَقَوْلُهُ: إنْ الْفِعْلُ الْمَاضِي بُنِيَ فِي أَوَّلِ وَهْلَةٍ عَلَى الْحَرَكَةِ مَمْنُوعٌ، بَلْ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ سَاكِنًا كَمَا هُوَ الْأَصْلُ، وَلَكِنْ بُنِيَ عَلَى حَرَكَةٍ لِعِلَّةٍ أُخْرَى غَيْرِ الِاشْتِقَاقِ، وَهِيَ جَوَازُ وُقُوعِهِ مَوْقِعَ الْمُعْرَبِ بِخِلَافِ فِعْلِ الْأَمْرِ، فَعُلِمَ أَنَّ حَرَكَةَ الْبِنَاءِ فِي الْفِعْلِ طَارِئَةٌ عَلَيْهِ بَعْدَ حُصُولِ بِنْيَتِهِ، وَإِذَا كَانَتْ حَرَكَةُ الْإِعْرَابِ غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِهَا فِي بِنْيَةِ الْكَلِمَةِ لِكَوْنِهَا طَارِئَةً وَمُتَغَيِّرَةً فَكَذَلِكَ حَرَكَةُ الْبِنَاءِ، وَلَا يَكُونُ ثُبُوتُهَا فِي الْفِعْلِ زِيَادَةً فِي الصِّيغَةِ، وَلَا زَوَالُهَا نَقْصًا فِيهَا.
[التَّنْبِيهُ] الثَّانِي
أَنَّ الْمُرَادَ بِزِيَادَةِ الْحَرْفِ أَوْ الْحَرَكَةِ أَوْ نُقْصَانِهِمَا جِنْسُ الْحَرْفِ وَجِنْسُ الْحَرَكَةِ لَا وَاحِدٌ فَقَطْ، فَقَدْ يَكُونُ الْمَزِيدُ مِنْ الْحُرُوفِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ فِي الْحَرَكَةِ، وَكَذَلِكَ فِي النُّقْصَانِ، وَعَلَى هَذَا فَتَكْثُرُ الْأَقْسَامُ وَلَا يَخْفَى حِينَئِذٍ أَمْثِلَتُهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute