مِنْ الْعِلْمِ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ إنَّهُمَا يُطْلِقَانِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى هَذِهِ الْأَسْمَاءَ وَيُنْكِرَانِ حُصُولَ الْعِلْمِ وَالْحَيَاةِ وَالْقُدْرَةِ لِلَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّ الْمُسَمَّى بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ هِيَ الْمَعَانِي الَّتِي تُوجِبُ الْعَالَمِيَّةَ وَالْقَادِرِيَّةَ، وَهَذِهِ الْمَعَانِي غَيْرُ ثَابِتَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَكُونُ لِلَّهِ عِلْمٌ وَلَا قُدْرَةٌ وَلَا حَيَاةٌ مَعَ أَنَّهُ عَالِمٌ قَادِرٌ حَيٌّ، وَفِرَارًا مِنْ أَنْ يَكُونَ الذَّاتُ قَابِلًا وَفَاعِلًا.
وَأَمَّا أَصْحَابُنَا فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِالْعِلْمِ قَادِرٌ بِالْقُدْرَةِ حَيٌّ بِالْحَيَاةِ.
[هَلْ الْعِلْمُ نَفْسُ الْعَالَمِيَّةِ]
وَاخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ الْعِلْمُ نَفْسُ الْعَالَمِيَّةِ أَوْ الْقُدْرَةُ نَفْسُ الْقَادِرِيَّةِ أَوْ هِيَ زَائِدَةٌ عَلَيْهَا؟ وَالْأَوَّلُ: قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ وَأَتْبَاعِهِ، وَالثَّانِي: قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَقَالُوا: عَالِمٌ بِالذَّاتِ لَا بِالْعِلْمِ، قَادِرٌ بِالذَّاتِ لَا بِالْقُدْرَةِ وَهَكَذَا فَقَدْ جَوَّزُوا صِدْقَ الْمُشْتَقِّ الَّذِي هُوَ الْعَالِمُ بِدُونِ صِدْقِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُمَا يُعَلِّلَانِ الْعَالَمِيَّةَ بِالْعِلْمِ مُطْلَقًا، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي كُتُبِهِمْ الْأُصُولِيَّةِ، وَيَقُولَانِ: إنَّ الْعِلْمَ فِي اللَّهِ غَيْرُ ذَاتِهِ، فَهُمَا لَا يَسْلُبَانِ عَنْهُ إلَّا الْعِلْمَ الزَّائِدَ عَلَى ذَاتِهِ لَا الْعِلْمَ مُطْلَقًا، وَحِينَئِذٍ فَتَخْصِيصُ عَالَمِيَّتِنَا بِالْعِلْمِ، كَمَا قَالَهُ الْبَيْضَاوِيُّ، أَوْ إثْبَاتُ عَالَمِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ سَلْبِ الْعِلْمِ عَنْهُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَحْصُولِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا بَاطِلٌ، لِأَنَّهُمَا لَا يَقُولَانِ بِسَلْبِ عِلِّيَّتِهَا عَنْهُ بَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute