للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ [بَقَاءُ مَعْنَى الْمُشْتَقِّ هَلْ هُوَ شَرْطٌ]

فِي أَنَّ دَوَامَ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ أَعْنِي بَقَاءَ مَعْنَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ هَلْ شَرْطٌ فِي إطْلَاقِ اسْمِ الْمُشْتَقِّ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ أَمْ لَا؟ فَمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ وُجُودَهُ لَمْ يَشْتَرِطْ دَوَامَهُ قَطْعًا، وَأَمَّا الَّذِينَ يَشْتَرِطُونَ وُجُودَهُ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ.

فَنَقُولُ: إطْلَاقُ الِاسْمِ الْمُشْتَقِّ كَاسْمِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِاعْتِبَارِ الْحَالِ حَقِيقَةٌ بِلَا خِلَافٍ كَتَسْمِيَةِ الْخَمْرِ خَمْرًا، وَبِاعْتِبَارِ الْمُسْتَقْبَلِ مَجَازٌ بِلَا خِلَافٍ كَتَسْمِيَةِ الْعِنَبِ وَالْعَصِيرِ خَمْرًا، وَأَمَّا إطْلَاقُهُ بِاعْتِبَارِ الْمَاضِي كَإِطْلَاقِ الضَّارِبِ عَلَى مَنْ صَدَرَ مِنْهُ الضَّرْبُ. انْتَهَى.

وَهَذَا هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ مِنْهُمْ الرَّازِيَّ وَالْبَيْضَاوِيُّ: إنَّهُ مَجَازٌ.

وَقَالَ ابْنُ سِينَا وَالْفَلَاسِفَةُ، وَأَبُو هَاشِمٍ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ: إنَّهُ حَقِيقَةٌ، وَنَقَلَ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ مَذْهَبًا ثَالِثًا أَنَّ مَعْنَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ كَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ اُشْتُرِطَ بَقَاؤُهُ فِي كَوْنِ الْمُشْتَقِّ حَقِيقَةً وَإِلَّا فَلَا، كَمَا فِي الْمَصَادِرِ السَّيَّالَةِ مِثْلِ الْكَلَامِ وَأَنْوَاعِهِ، وَنَسَبَهُ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ فِي النِّهَايَةِ إلَى الْأَكْثَرِينَ وَيَحْتَاجُ إلَى تَثَبُّتٍ، فَإِنَّ الرَّازِيَّ ذَكَرَهُ فِي أَثْنَاءِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى سَبِيلِ الْبَحْثِ، وَقَالَ: إنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَنِدُ نَقْلِهِمْ هَذَا فَقَدْ عَلِمْت، لَكِنَّ الْإِمَامَ فِي جَوَابِ الْمُعَارَضَةِ صَرَّحَ بِاخْتِيَارِهِ وَمَنَعَ الْإِجْمَاعَ فَقَالَ: قُلْنَا: الْمُعْتَبَرُ عِنْدَنَا حُصُولٌ بِتَمَامِهِ إنْ أَمْكَنَ، أَوْ حُصُولُهُ آخِرَ جُزْءٍ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>