للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْضًا مَعَ أَنَّ الْحَجَرَ وَالْإِنْسَانَ لَا دَلَالَةَ لَهُمَا عَلَى الزَّمَانِ. فَإِنْ قُلْت: اسْمُ الْفَاعِلِ يَدُلُّ عَلَى الْفِعْلِ، وَالْفِعْلُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي زَمَنٍ، فَاسْمُ الْفَاعِلِ دَالٌّ عَلَى الزَّمَانِ بِالِالْتِزَامِ. قُلْت الْمُعْتَبَرُ فِي دَلَالَةِ الِالْتِزَامِ اللُّزُومُ الذِّهْنِيُّ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ هَاهُنَا، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ لَا يَضُرُّ، لِأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ مُطْلَقُ الزَّمَانِ، وَإِذَا كُنَّا نَقُولُ: إنَّ الْيَوْمَ وَغَدًا وَأَمْسَ وَالزَّمَانَ وَالْآنَ أَسْمَاءٌ مَعَ أَنَّهَا لَا مَدْلُولَ لَهَا غَيْرَ الزَّمَانِ، فَمَا ظَنُّك بِمَا يَسْتَلْزِمُهُ؟ وَاَلَّذِي مَنَعْنَا وُجُودَهُ فِي الِاسْمِ هُوَ دَلَالَتُهُ عَلَى الزَّمَانِ كَمَا يَدُلُّ الْفِعْلُ عَلَيْهِ، وَأَعْنِي بِهِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى زَمَنٍ مَاضٍ غَيْرِ زَمَانِ الْخِطَابِ أَوْ مُقَارِنٍ لَهُ أَوْ مُسْتَقْبَلٍ عَنْهُ، فَهَذَا هُوَ الْقَدْرُ الَّذِي اخْتَصَّ بِهِ الْفِعْلُ وَلَا يُوجَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَسْمَاءِ.

فَإِنْ قُلْت: " ضَرَبَ " دَلَّ عَلَى زَمَانٍ مَاضٍ غَيْرِ زَمَنِ الْخِطَابِ، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ أَنَّ زَمَنَ الْخِطَابِ مُسْتَقْبَلٌ عَنْهُ، وَيَضْرِبُ وَاضْرِبْ بِالْعَكْسِ، وَتَضْرِبُ إذَا جَعَلْته لِلْحَالِ دَلَّ عَلَى زَمَانٍ مَاضٍ، وَهُوَ زَمَنُ الْخِطَابِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَفْعَالِ دَالٌّ عَلَى زَمَانَيْنِ زَمَنِ الْخِطَابِ وَزَمَنٍ مَنْسُوبٍ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَا فِي الْحَاضِرِ مُتَّحِدَيْنِ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُوجَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَسْمَاءِ لَا بِمَادَّتِهِ وَلَا بِصُورَتِهِ. وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ الْيَوْمَ وَأَمْسِ وَغَدًا يَدُلُّ عَلَى أَحَدِ الْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ بِمَادَّتِهِ، وَأَخْذُهُ فِي حَدِّ الْفِعْلِ أَنْ يَدُلَّ بِبِنْيَتِهِ لِيُحْتَرَزَ عَنْ ذَلِكَ مَدْخُولٌ بِمَا حَرَّرْنَاهُ، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى زَمَنِ الْخِطَابِ أَلْبَتَّةَ، وَأَنَّ قَوْلَنَا: إطْلَاقُ اسْمِ الْفَاعِلِ بِمَعْنَى الْحَالِ حَقِيقَةً لَيْسَ بِهَذَا الْمَعْنَى خِلَافًا لِمَنْ غَلِطَ فِي ذَلِكَ.

الثَّانِي: أَنَّ مَدْلُولَ اسْمِ الْفَاعِلِ شَخْصٌ مُتَّصِفٌ بِالْفِعْلِ كَمَا قَدَّمْنَا حَاضِرًا كَانَ أَوْ مَاضِيًا أَوْ مُسْتَقْبَلًا، يَعْنِي بِالنِّسْبَةِ إلَى زَمَنِ الْخِطَابِ، وَهَذَا الْمَدْلُولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>