وَالْحَقُّ: أَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ فِي لُغَةٍ وَاحِدَةٍ، لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يَكُونَ بِإِزَاءِ مَعْنًى وَاحِدٍ لَفْظٌ وَاحِدٌ، وَاقْتَضَى كَلَامُ " الْمَحْصُولِ " وُجُودَ خِلَافٍ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أُرِيدَ بِالْأَصْلِ الْغَالِبُ فَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْخِلَافُ، وَإِذَا أُرِيدَ بِهِ الْقِيَاسُ فَيُمْكِنُ قَوْلُهُ فِي التَّرَادُفِ مِنْ وَاضِعٍ وَاحِدٍ لَا مِنْ وَاضِعَيْنِ.
مَسْأَلَةٌ إطْلَاقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَرَادِفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ
الْمُتَرَادِفَانِ يَصِحُّ إطْلَاقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَكَانَ الْآخَرِ، لِأَنَّهُ لَازِمٌ لِمَعْنَى الْمُتَرَادِفَيْنِ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي حَالِ التَّرْكِيبِ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي " الْمُنْتَهَى " وَالْبَيْضَاوِيُّ أَيْ: إذَا صَحَّ النُّطْقُ بِأَحَدِهِمَا فِي تَرْكِيبٍ يَلْزَمُ أَنْ يَصِحَّ النُّطْقُ فِيهِ بِالْآخَرِ، اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ " الْمَحْصُولِ "، يَجِبُ صِحَّةُ إقَامَتِهِ مَقَامَهُ وَفِيهِ ثَلَاثُ مَذَاهِبَ: أَصَحُّهَا: عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ اللُّزُومُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّرْكِيبِ إنَّمَا هُوَ الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ، فَإِذَا صَحَّ النُّطْقُ مَعَ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ وَجَبَ بِالضَّرُورَةِ أَنْ يَصِحَّ مَعَ اللَّفْظِ الْآخَرِ.
قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ فِي أَوَّلِ النَّظَرِ، وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ التَّرْكِيبَ مِنْ عَوَارِضِ الْمَعَانِي دُونَ الْأَلْفَاظِ، فَإِذَا صَحَّ تَأَلُّفُ الْمَعْنَى مَعَ الْمَعْنَى فَلَا نَظَرَ إلَى التَّعْبِيرِ عَنْهُ بِأَيِّ لَفْظَةٍ كَانَتْ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ: أَنَّهُ إذَا لَمْ يَصِحَّ التَّأْلِيفُ لَا يَجُوزُ، كَمَا فِي صَلَّى وَدَعَا، فَإِنَّ أَئِمَّةَ اللُّغَةِ قَالُوا: إنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute