للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ أَحَدُ الْمُتَرَادِفَيْنِ مَقَامَ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: صَلَّى عَلَيْهِ فَتَرَكَّبَ " صَلَّى " مَعَ لَفْظَةِ " عَلَى " فِي طَلَبِ الْخَيْرِ لِلْمَدْعُوِّ لَهُ، وَلَوْ رَكَّبْتهَا مَعَ " دَعَا " فَقُلْت: دَعَا عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ، وَانْعَكَسَ الْمَعْنَى لِلشَّرِّ. قَالَهُ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْ صَلَّى وَدَعَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَ مَعَانٍ، وَالصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ لَيْسَتْ بِالدُّعَاءِ بَلْ هِيَ الْمَغْفِرَةُ، فَمَعْنَى صَلَّى اللَّهُ عَلَى زَيْدٍ غَفَرَ لَهُ، غَيْرَ أَنَّ التَّعَدِّيَةَ مُخْتَلِفَةٌ، فَأَتَى فِي الصَّلَاةِ بِعَلَى مُبَالَغَةً فِي اسْتِعْلَاءِ الْفِعْلِ عَلَى الْمَفْعُولِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَاخْتَارَهُ فِي " الْحَاصِلِ " وَ " التَّحْصِيلِ "، وَقَالَ فِي " الْمَحْصُولِ ": إنَّهُ الْحَقُّ، لِأَنَّ صِحَّةَ الضَّمِّ قَدْ تَكُونُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ يَصِحُّ قَوْلُك: خَرَجْت مِنْ الدَّارِ، مَعَ أَنَّك لَوْ أَبْدَلْت لَفْظَةَ " مِنْ " وَحْدَهَا بِمُرَادِفِهَا بِالْفَارِسِيَّةِ لَمْ يَجُزْ.

قَالَ: وَإِذَا قُلْنَا ذَلِكَ فِي لُغَتَيْنِ لَمْ يَمْتَنِعْ وُقُوعُ مِثْلِهِ فِي اللُّغَةِ الْوَاحِدَةِ.

وَالثَّالِثُ: التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ لُغَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَصِحُّ وَإِلَّا فَلَا، وَاخْتَارَهُ الْبَيْضَاوِيُّ وَالْهِنْدِيُّ، وَقَالَ: هَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ لَمْ يُلْفَ صَرِيحًا لَكِنْ يُلْفَى ضِمْنًا فِي كَلَامِهِمْ.

وَقَالَ النَّقْشَوَانِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّ اللُّغَةَ الْوَاحِدَةَ فِيهَا تَفْصِيلٌ، فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ إلَّا مُجَرَّدَ الْفَهْمِ قَامَ أَحَدُ الْمُتَرَادِفَيْنِ مَقَامَ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ قَافِيَةَ الْقَصِيدَةِ وَرَوِيَّ الشِّعْرِ وَأَنْوَاعَ الْجِنَاسِ فَلَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي الْبُرِّ دُونَ الْقَمْحِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ فِي " الْمَحْصُولِ " نَصَبَ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِ إقَامَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>