للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّالِثُ: مَا نَقَصَ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ وَزَادَ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ كَالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ فِي اللُّغَةِ الْإِمْسَاكُ، وَفِي الشَّرْعِ: إمْسَاكٌ مَخْصُوصٌ مَعَ شُرُوطٍ وَالنِّيَّةِ وَغَيْرِهَا. [التَّنْبِيهُ] الثَّانِي إذَا أَثْبَتْنَا النَّقْلَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَكَلَّمَ الشَّارِعُ بِالِاسْمِ الشَّرْعِيِّ، وَنَعْنِي بِهِ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ، وَنَعْلَمُ أَنَّهُ عَنَى بِبَيَانٍ مُتَقَدِّمٍ، أَوْ مُقَارَنٍ، إنْ مَنَعْنَا تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ، أَوْ بَيَانٍ مُتَأَخِّرٍ إنْ جَوَّزْنَاهُ.

الْبَحْثُ الْخَامِسُ فِي تَبَيُّنِ الْمُرَادِ بِالدِّينِيِّ وَالشَّرْعِيِّ: قَسَّمَتْ الْمُعْتَزِلَةُ اللَّفْظَ إلَى دِينِيٍّ وَشَرْعِيٍّ فَالْأَسْمَاءُ الدِّينِيَّةُ ثَلَاثَةٌ: الْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ وَالْفِسْقُ، وَهِيَ عِنْدَهُمْ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الشَّرْعِ فِي غَيْرِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ حَقِيقَةً وَمَجَازًا، وَغَرَضُهُمْ أَنَّ الشَّرْعَ اسْتَعْمَلَهَا فِي غَيْرِ مَا اسْتَعْمَلَهَا الْوَاضِعُ اللُّغَوِيُّ؛ وَلِهَذَا أَثْبَتُوا الْوَاسِطَةَ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ. وَأَمَّا الشَّرْعِيَّةُ فَهِيَ عِنْدَهُمْ أَسْمَاءٌ لُغَوِيَّةٌ نُقِلَتْ فِي الشَّرْعِ عَنْ أَصْلِ وَضْعِهَا إلَى أَحْكَامٍ شَرْعِيَّةٍ، كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ، فَزَعَمُوا أَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ إنَّمَا حَدَثَتْ فِي الشَّرْعِ، نُقِلَتْ إلَيْهَا هَذِهِ الْأَسْمَاءُ مِنْ اللُّغَةِ. وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَفْسِيرِ الدِّينِيَّةِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي " الْقَرِيبِ "، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " التَّلْخِيصِ " " وَالْبُرْهَانُ " وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَفِي " الْمَحْصُولِ " عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ: أَنَّ الشَّرْعِيَّةَ تَخْتَصُّ بِأَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، وَالدِّينِيَّةُ بِأَسْمَاءِ الْفَاعِلِينَ كَالْمُؤْمِنِ وَالْفَاسِقِ، وَقَضِيَّتُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>