للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّحْقِيقِ مِثْلَ «قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْفَرَسِ: وَجَدْتُهُ بَحْرًا» . وَاَلَّذِي يَجُوزُ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ وَالْحَقِيقَةِ أَنَّ مَشْيَهُ حَسَنٌ، كَقَوْلِك: عِلْمُ اللَّهِ مَعَنَا وَفِينَا. وَقَدْ صَنَّفَ الشَّرِيفُ الرَّضِيُّ مُجَلَّدًا فِي مَجَازَاتِ الْآثَارِ كَمَا صَنَّفَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي مَجَازِ الْقُرْآنِ.

تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ كَذَا فَرَضُوا الْخِلَافَ فِي الْوُقُوعِ وَهُوَ مُقْتَضَى الْجَزْمِ بِالْجَوَازِ، لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي ابْنُ كَجٍّ فِي " كِتَابِهِ ": وَقَالَ قَوْمٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَاطِبَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِالْمَجَازِ، وَأَنَّهُ يَكُونُ كَذِبًا، وَتَمَحَّلُوا لِلْمَجَازَاتِ فِي الْقُرْآنِ حَقَائِقَ بِوَجْهِ تَعَبُّدٍ، ثُمَّ قَالَ: وَالْجَوَابُ عَمَّا قَالُوهُ: إنَّهُ كَذِبٌ، أَنَّهُمْ إمَّا أَنْ يُرِيدُوا بِهِ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ فِي مَوْضُوعِ اللُّغَةِ، وَالثَّانِي بَاطِلٌ لِلِاسْتِقْرَاءِ بِوُجُودِهِ، وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ بِالْعُمُومِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ خَاطَبَنَا بِهِ، وَهُوَ يُرِيدُ الْخُصُوصَ فِيهِ.

الثَّانِي مُرَادُنَا بِوُقُوعِهِ فِي الْقُرْآنِ عَلَى نَحْوِ أَسَالِيبِ الْعَرَبِ الْمُسْتَعْذَبَةِ، لَا الْمَجَازِ الْبَعِيدِ الْمُسْتَكْرَهِ. وَقَدْ تَوَسَّعَ فِيهِ قَوْمٌ فَضَلُّوا. قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ: مِنْ هَذَا الْأَصْلِ الْعَظِيمِ أَعْنِي الْمَجَازَ فِي الْقُرْآنِ ضَلَّ أَكْثَرُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالضَّلَالَاتِ فِي تَأْوِيلِ أَكْثَرِ الْآيَاتِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ مِنْ جِهَةِ وُجُودِ الْمَجَازِ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ غَلِطَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فِي تَأْوِيلِ كَثِيرٍ مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>