فِي اللُّغَةِ إلَى مَعْنًى آخَرَ، فَإِنْ تَعَبَّدْنَا بِهَا قَوْلًا وَعَمَلًا كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا مَجَازًا بَلْ حَقِيقَةً، وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ فِي اللُّغَةِ إلَى مَعْنًى قَدْ تَعَبَّدْنَا بِهِ دُونَ أَنْ نُسَمِّيَهُ بِذَلِكَ الِاسْمِ فَهَذَا هُوَ الْمَجَازُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء: ٢٤] فَإِنَّمَا تَعَبَّدَنَا - تَعَالَى - بِأَنْ نَذِلَّ لِلْأَبَوَيْنِ وَنَرْحَمَهُمَا، وَلَنْ يُلْزِمَنَا اللَّهُ - تَعَالَى - قَطُّ أَنْ نَنْطِقَ، وَلَا يَدِينَنَا بِأَنَّ لِلذُّلِّ جَنَاحًا، وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ افْتَرَضَ عَلَيْنَا تَسْمِيَتَهَا هَذِهِ بِأَعْيَانِهَا. قَالَ: وَاحْتَجَّ مَنْ مَنَعَ الْمَجَازَ بِأَنَّهُ كَذِبٌ، وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ يَبْعُدَانِ عَنْهُ، قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: صَدَقْت، وَلَيْسَ نَقْلُ اللَّهِ - تَعَالَى - الِاسْمَ عَمَّا كَانَ اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَّقَهُ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ مَا إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ كَذِبًا، بَلْ الْكَذِبُ مَا لَمْ يَنْقُلْهُ تَعَالَى، بَلْ مَا نَقَلَهُ هُوَ الْحَقُّ نَفْسُهُ. وَقَالَ فِي كَلَامِهِ عَلَى قَوْله تَعَالَى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] وَقَدْ ذَكَرَ رَجُلٌ مِنْ الْمَالِكِيِّينَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يُعْرَفُ بِابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ أَنَّ لِلْحِجَارَةِ عَقْلًا، وَلَعَلَّ تَمْيِيزَهُ يَقْرُبُ مِنْ تَمْيِيزِهَا، فَقَدْ شَبَّهَ اللَّهُ قَوْمًا زَاغُوا عَنْ الْحَقِّ بِالْأَنْعَامِ، وَصَدَقَ - سُبْحَانَهُ - أَنَّهُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا. قَالَ هَذَا الْجَاهِلُ: مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ لِلْحِجَارَةِ تَعَقُّلًا قَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ} [البقرة: ٧٤] الْآيَةَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لَهَا عَقْلًا. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَمِنْ الْعَجَبِ اسْتِدْلَالُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْشَى اللَّهَ إلَّا ذُو عَقْلٍ وَكَيْفَ يَكُونُ لَهَا تَمْيِيزٌ وَعَقْلٌ، وَاَللَّهُ شَبَّهَ قُلُوبَ الْكُفَّارِ بِالْحِجَارَةِ فِي أَنَّهَا لَا تَعْقِلُ الْحَقَّ وَلَا تُذْعِنُ لَهُ. انْتَهَى مُلَخَّصًا. قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي " الْمَنْخُولِ ": كَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَحْكَامِ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute