يَقُولُ: زَيْدٌ إذَا جَعَلْته فَاعِلًا، وَزَيْدًا إذَا جَعَلْته مَفْعُولًا، فَكَانَ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا إذَا قِيلَ: ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا أَنْ يُقَالَ فِي الْإِعْرَابِ الْإِفْرَادِيِّ، وَفِي هَذَا التَّرْكِيبِيُّ أَوْ الْإِسْنَادِيُّ، وَالْإِعْرَابُ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ فِي هَذَا، وَانْظُرْ أَمْثِلَتَهُمْ فِي الْإِسْنَادِيِّ، وَفِي الْإِفْرَادِيِّ تَجِدْهَا وَاحِدَةً.
[الْمَجَازُ التَّرْكِيبِيُّ عَقْلِيٌّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ] الرَّابِعَةُ: إذَا أَثْبَتْنَا الْمَجَازَ التَّرْكِيبِيَّ، فَهَلْ هُوَ لُغَوِيٌّ أَمْ عَقْلِيٌّ؟ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ عَقْلِيٌّ وَلَمْ يُسَمُّوهُ مَجَازًا لِكَوْنِهِ وُضِعَ لِمَعْنًى، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِهِ، لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ لَهُ جِهَتَانِ جِهَةُ الْحَقِيقَةِ وَجِهَةُ الْمَجَازِ كَمَا فِي الْمَجَازِ الْمُفْرَدِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صِيَغَ الْأَفْعَالِ فِيهِ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَوْضُوعَاتِهَا اللُّغَوِيَّةِ، وَكَذَا صِيَغُ الْفَاعِلِ فَلَا مَجَازَ فِيهِ إلَّا فِي نِسْبَةِ تِلْكَ الْأَفْعَالِ إلَى أُولَئِكَ الْفَاعِلِينَ، وَهُوَ أَمْرٌ عَقْلِيٌّ لَا وَضْعِيٌّ، وَكَذَلِكَ لَا نُسَمِّيهِ مَجَازًا لُغَوِيًّا لِعَدَمِ رُجُوعِهِ إلَى الْوَضْعِ بِخِلَافِ الْمَجَازِ فِي الْمُفْرَدِ فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ فَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْجِهَتَيْنِ جِهَةِ الْحَقِيقَةِ وَجِهَةِ الْمَجَازِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ وَاضِعَ اللُّغَةِ لَا صُنْعَ لَهُ بَعْدَ وَضْعِ الْمُفْرَدِ لَا يُسْنَدُ إلَيْهِ، بَلْ يَكِلُ ذَلِكَ إلَى خِبْرَةِ الْمُتَكَلِّمِ، أَلَا تَرَى أَنَّ إسْنَادَ الْوَشْيِ إلَى الرَّبِيعِ لَا الْقَادِرِ فِي قَوْلِك: خَيْطٌ أَحْسَنُ مِنْ وَشْيِ الرَّبِيعِ لَيْسَ مُسْتَفَادًا مِنْ اللُّغَةِ؟ وَقِيلَ: بَلْ هُوَ لُغَوِيٌّ؛ لِأَنَّ وَاضِعَ اللُّغَةِ وَضَعَ الْمُفْرَدَ لِيُرَكِّبَهُ مَعَ مَا يُنَاسِبُهُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ وَغَيْرُهُ، وَالْمُنَاسَبَةُ مَعْلُومَةٌ بِطُرُقِهَا، وَحَجَرَ أَيْضًا فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَالْحَذْفِ وَالذِّكْرِ، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ لُغَوِيٌّ. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعَرَبَ هَلْ وَضَعَتْ الْمُرَكَّبَاتِ أَوْ لَا؟ وَفِيهِ خِلَافٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute