أَهْلِ اللُّغَةِ حَقَائِقُ لُغَوِيَّةٌ كَأَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ، وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُمَا: سَوَاءٌ كَانَ الْعَلَمُ مُرْتَجَلًا أَوْ مَنْقُولًا لِغَيْرِ عَلَاقَةٍ، فَإِنْ نُقِلَ لِعَلَاقَةٍ كَمَنْ سَمَّى وَلَدَهُ بِالْمُبَارَكِ لِمَا ظَنَّهُ فِيهِ مِنْ الْبَرَكَةِ فَكَذَلِكَ بِدَلِيلِ صِدْقِهِ عَلَيْهِ مَعَ زَوَالِهَا، وَصَارَ ابْنُ فُورَكٍ إلَى أَنَّهَا حَقَائِقُ عُرْفِيَّةٌ فَقَالَ فِي " كِتَابِهِ ": وَجُمْلَةُ أَسْمَاءِ الْأَلْقَابِ مَنْقُولَةٌ عَنْ أُصُولِهَا وَمَوْضُوعِهَا إلَى غَيْرِهِمَا عَلَى طَرِيقِ الِاصْطِلَاحِ لِيَجْعَلُوهَا بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ أَخَصَّ بِهَا وَأَشْهَرَ مِنْ غَيْرِهَا حَتَّى إذَا ذُكِرَ بِهِ لَمْ يَدُلَّ إلَّا عَلَيْهِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ سِيبَوَيْهِ: إنَّ قَوْلَهُمْ: زَيْدٌ الِاسْمُ الْجَامِعُ لِلْأَوْصَافِ لِمَا كَانَ قُصِدَ بِهِ أَنْ يَكُونَ الْعَلَمُ الْخَاصُّ لَهُ مِنْ سَائِرِ مُسَمَّيَاتِ جِنْسِهِ. اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، فَقَدْ حَكَى الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْمُلَخَّصِ " الْخِلَافَ فِي دُخُولِ الْمَجَازِ فِي الْأَعْلَامِ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ " الْمِيزَانِ " مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، فَقَالَ: الْأَعْلَامُ هَلْ يَدْخُلُهَا الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ؟ قَالَ: وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الدُّخُولِ، وَكَذَا قَالَهُ ابْنُ لُقْمَانَ الْكُرْدِيُّ فِي كِتَابِهِ " الْفُصُولِ " ذَهَبَ عَامَّتُهُمْ إلَى أَنَّ الْأَعْلَامَ يَدْخُلُ فِيهَا الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ، وَمِنْ هُنَا قَالَ ابْنُ السَّاعَاتِيِّ: إنَّ كُلَّ كَلَامٍ عَرَبِيٍّ مُسْتَعْمَلٍ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، إذْ الْأَعْلَامُ عَرَبِيَّةٌ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَالْغَزَالِيُّ فِي " الْمُسْتَصْفَى "، وَهُوَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْأَعْلَامِ الَّتِي لَمْ تُوضَعْ إلَّا لِلْفَرْقِ بَيْنَ الذَّوَاتِ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو، فَلَا يَدْخُلُهَا الْمَجَازُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُوضَعْ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الصِّفَاتِ وَبَيْنَ الْأَعْلَامِ الْمَوْضُوعَةِ لِلصِّفَةِ كَالْأَسْوَدِ وَنَحْوِهِ؛ إذْ لَا يُرَادُ بِهِ الدَّلَالَةُ عَلَى الصِّفَةِ مَعَ أَنَّهُ وُضِعَ لَهَا فَيَكُونُ [مَجَازًا] وَعَلَى هَذَا جَرَى ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ " فَقَالَ: الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ لَا يَدْخُلَانِ فِي أَسْمَاءِ الْأَلْقَابِ وَيَدْخُلَانِ فِي أَسْمَاءِ الِاشْتِقَاقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute