للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَاَلَّذِي أَقُولُهُ: أَنَّ حُكْمَ هَذَا الْقَوْلِ حُكْمُ الْحَقَائِقِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ بِحُكْمِ الْوَضْعِ، وَحَقِيقَةٌ فِي الْمَعْنَى الثَّانِي بِحُكْمِ الْعُرْفِ الطَّارِئِ وَكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ الْوَضْعِ وَالْعُرْفِ وَتَسْمِيَتُهُ مَجَازًا خَطَأٌ. اهـ.

وَكَذَلِكَ حَكَى الْخِلَافَ أَيْضًا الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي " الْمُلَخَّصِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمَحْصُولِ " فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِعَةِ مِنْ الْبَابِ التَّاسِعِ بِالْمُسَاوَاةِ، وَقَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي شَرْحِهِ ": إنَّهُ الْحَقُّ. وَإِنْ هُجِرَتْ الْحَقِيقَةُ بِالْكُلِّيَّةِ بِحَيْثُ لَا تُرَادُ فِي الْعُرْفِ، فَالْعِبْرَةُ بِالْمَجَازِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِثَمَرِهَا لَا بِخَشَبِهَا، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْحَقِيقَةَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ أُمِيتَتْ بِحَيْثُ لَا تُرَادُ فِي الْعُرْفِ أَلْبَتَّةَ، وَأَمَّا إذَا غَلَبَ الْمَجَازُ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَالْحَقِيقَةُ تُتَعَاهَدُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْحَقِيقَةُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا رَاجِحَةٌ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَكَوْنُهَا مَرْجُوحَةً أَمْرٌ عَارِضٌ لَا عِبْرَةَ بِهِ، وَقَالَ صَاحِبَاهُ: الْمَجَازُ أَوْلَى لِكَوْنِهِ رَاجِحًا فِي الْحَالِ ظَاهِرًا فِيهِ. قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي " شَرْحِ التَّنْقِيحِ ": وَهُوَ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ الظُّهُورَ هُوَ الْمُكَلَّفُ بِهِ، وَاخْتَارَ الْإِمَامُ فِي " الْمَعَالِمِ " وَالْبَيْضَاوِيُّ فِي " الْمِنْهَاجِ " اسْتِوَاءَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ رَاجِحٌ عَلَى الْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ، فَالْحَقِيقَةُ بِالْأَصْلِ وَالْمَجَازُ بِالْغَلَبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>