للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَاهُنَا أُمُورٌ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْآمِدِيَّ ذَكَرَ فِي بَابِ الْمُجْمَلِ أَنَّ مَا لَهُ مَوْضُوعٌ شَرْعِيٌّ وَلُغَوِيٌّ قِيلَ: هُوَ مُجْمَلٌ، وَأَنَّهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يُحْمَلُ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ. وَفَرَّقَ الْغَزَالِيُّ بَيْنَ حَالَةِ الْإِثْبَاتِ فَكَذَلِكَ، أَوْ النَّفْيِ فَمُجْمَلٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ مِنْ الْمَجَازِ الرَّاجِحِ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِي بَيْنَهُمَا فَرْقٌ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى، لَكِنَّ كَلَامَ الْأَصْفَهَانِيِّ السَّابِقَ يَأْبَاهُ. وَقَالَ صَاحِبُ " الْمَصَادِرِ " بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَى الْمُتَعَارَفِ، وَلَكِنْ لَا أُسَمِّيهِ مَجَازًا، بَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ كَالْغَائِطِ، وَرَأَيْت فِي " شَرْحِ الْوَسِيطِ " لِلشَّيْخِ نَجْمِ الدِّينِ بْنِ الرِّفْعَةِ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ، وَقَدْ تَعَرَّضَ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ: مَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ فِي جَانِبِ الْإِثْبَاتِ، وَأَمَّا فِي جَانِبِ النَّفْيِ فَيُعْمَلُ بِالْمَجَازِ الرَّاجِحِ جَزْمًا؛ لِأَنَّا إنْ نَظَرْنَا إلَى الْمَجَازِ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ نَظَرْنَا إلَى الْحَقِيقَةِ فَسَلْبُهَا يَقْتَضِي سَلْبَ سَائِرِ الْأَفْرَادِ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا مَا يُرَجَّحُ فِي الِاسْتِعْمَالِ. قَالَ: وَلِهَذَا جَزَمَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ لَفْظَيْ الْجِمَاعِ وَالْإِيلَاءِ صَرِيحَانِ وَإِنْ حَكَوْا الْقَوْلَيْنِ فِي قَوْلِهِ: لَا أُبَاشِرَنَّك وَلَا أَقْرَبَنَّك لِمُلَاحَظَةِ أَصْلِ الْحَقِيقَةِ، وَالرُّجْحَانُ فِي لَا أُجَامِعُك دُونَهُمَا. اهـ.

وَفِيهِ بُعْدٌ عَنْ كَلَامِ الْأُصُولِيِّينَ. الثَّانِي: مَثَّلَ فِي " الْمَعَالِمِ " هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى الْعِتْقَ، هَلْ يَكُونُ كِنَايَةً فَتُعْتَقُ بِهِ؟ ؛ لِأَنَّ مَادَّةَ " ط ل ق " حَقِيقَتُهَا فِي الْخَلِيَّةِ وَحِلِّ الْقَيْدِ سَوَاءٌ مِنْ النِّكَاحِ وَالرِّقِّ فَيَكُونُ حَقِيقَةً فِي عِتْقِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>