للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَجَازِ كَالنَّخْلَةِ لِلْإِنْسَانِ الطَّوِيلِ، فَلَا يُقَالُ لِكُلِّ طَوِيلٍ: نَخْلَةٌ كَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْغَزَالِيُّ وَابْنُ بَرْهَانٍ. وَقَيَّدَهُ الْهِنْدِيُّ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْوُجُوبُ أَيْ يَجِبُ كَوْنُ الْحَقِيقَةِ جَارِيَةً عَلَى الِاطِّرَادِ لِئَلَّا يَرِدَ الْمَجَازُ الْمُطَّرِدُ نَقْضًا عَلَى طَرْدِهِ، فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مُطَّرِدًا، لَكِنَّهُ لَا يَجِبُ طَرْدُهُ بِدَلِيلِ عَدَمِ اطِّرَادِ مِثْلِهِ فِي الْمَجَازِ. وَثَانِيهِمَا: بِشَرْطِ عَدَمِ الْمَانِعِ أَيْ: يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُطَّرِدَةً إنْ لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ أَوْ عَقْلِيٌّ أَوْ لُغَوِيٌّ، لِئَلَّا يَرِدَ مِثْلُ السَّخِيِّ وَالْفَاضِلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - نَقْضًا عَلَى عَكْسِهِ، اهـ.

وَمِمَّنْ ذَكَرَ أَنَّ عَلَامَةَ الْحَقِيقَةِ الِاطِّرَادُ دُونَ الْمَجَازِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِيمَا نَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْهُ فِي " التَّلْخِيصِ "، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ سَدِيدٌ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي كَبِيرَ مَعْنًى، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْحَقَائِقِ نَتْبَعُ أَصْلَ الْوَضْعِ، وَفِي الْمَجَازُ نَتْبَعُ اسْتِعْمَالَ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ كُلُّ مَنْ صَدَرَ عَنْهُ الضَّرْبُ ضَارِبًا بِالِاتِّبَاعِ لَا بِالْقِيَاسِ. وَحَكَاهُ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ " عَنْ بَعْضِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ نَفْسَ الِاطِّرَادِ مِنْ غَيْرِ مَنْعٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ مَجَازٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ وُجُوبُ اطِّرَادِ الِاسْمِ فِي حَقِيقَتِهِ، وَاطِّرَادُهُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَجَازَ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ اطِّرَادُهُ فَلَا يَمْنَعُ مَانِعٌ مِنْ اطِّرَادِهِ. وَقِيلَ: لَيْسَ الِاطِّرَادُ مِنْ عَلَامَاتِ الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّ مِنْ الْمَجَازِ مَا قَدْ يَطَّرِدُ كَإِطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ وَنَحْوِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>