عَنْهُ، فَكُلُّ مَا حَلَّ مَحَلَّ الْمَصَادِرِ وَضْعًا وَاسْتِعْمَالًا فَالْأَغْلَبُ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهُ النُّعُوتُ، وَهَذَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ أَهْلِ الْبَيَانِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ الِاسْتِعَارَةَ لَا تَدْخُلُ فِي الْأَفْعَالِ إلَّا بِطَرِيقِ التَّبَعِ لِلْمَصَادِرِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُتَجَوَّزَ فِي الْمَصْدَرِ أَوَّلًا ثُمَّ يُشْتَقَّ مِنْهُ الْفِعْلُ. اهـ.
وَأَوْرَدَ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ ": الرَّائِحَةَ فَإِنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي مُسَمَّاهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَقُّ مِنْهَا اسْمُ الْفَاعِلِ لِمَحَلِّهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ يُقَالُ لِلْجِسْمِ الَّذِي فِيهِ مُتَرَوَّحٌ. وَأَوْرَدَ بَعْضُهُمْ أَنَّ " ظَنَّ ": بِمَعْنَى أَيْقَنَ مَجَازٌ، وَيَصِحُّ أَنْ يُشْتَقَّ مِنْهُ اسْمُ فَاعِلٍ فَيُقَالُ: ظَانٌّ.
وَمِنْهَا: الْتِزَامُ تَقْيِيدٍ فِي مَعْنَى مَعَ اسْتِعْمَالِهِ مُطْلَقًا فِي الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ كَجَنَاحِ الذُّلِّ وَنَارِ الْحَرْبِ وَرَحَى الْحَرْبِ كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّتِهِ وَالْتِهَابِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْتِزَامُ التَّقْيِيدِ دَالًّا عَلَى التَّجَوُّزِ؛ لِأَنَّ الْحَقَائِقَ الْأَصْلُ فِيهَا الْإِطْلَاقُ؛ لِأَنَّ كُلَّ لَفْظٍ لَهُ مَعْنًى يَخُصُّهُ مَعْلُومٌ، فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْقَرِينَةِ، فَجُعِلَ الْتِزَامُ التَّقَيُّدِ دَلِيلَ الْمَجَازِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ بِالِالْتِزَامِ الْمَنْعَ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِ اسْتِقْرَاءُ كَلَامِهِمْ. قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي " شَرْحِ الْمَحْصُولِ ": وَفِيهِ نَظَرُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا نِسْبِيٌّ وَالْآخَرُ غَيْرُ نِسْبِيٍّ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ إطْلَاقُهُ عَلَى أَحَدِ الْمُسَمَّيَيْنِ مُتَوَقِّفًا عَلَى إطْلَاقِهِ عَلَى الْمُسَمَّى الْآخَرِ، فَالتَّوَقُّفُ مَجَازٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مَلْفُوظًا بِهِ كَقَوْلِهِ: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: ٥٤] ، أَوْ مُقَدَّرًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا} [يونس: ٢١] إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِمَكْرِهِمْ ذِكْرٌ فِي اللَّفْظِ لَكِنَّهُ مَذْكُورٌ مَعْنًى، وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لَا يَعْلَمُ هَذَا التَّقْرِيرَ، فَيَظُنُّ بُطْلَانَ الْقَاعِدَةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute