وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
تَجُوزُ ثُمَّ إضْمَارٌ وَبَعْدَهُمَا ... نَقْلٌ تَلَاهُ اشْتِرَاكٌ فَهُوَ يَخْلُفُهُ
وَأَرْجَحُ الْكُلِّ تَخْصِيصٌ وَآخِرُهُمْ ... نَسْخٌ فَمَا بَعْدَهُ قِسْمٌ يَخْلُفُهُ
وَالضَّابِطُ: تَقَدُّمُ التَّخْصِيصِ فَالْإِضْمَارِ فَالْمَجَازِ فَالنَّقْلِ فَالِاشْتِرَاكِ، وَالتَّخْصِيصُ يُرَجَّحُ عَلَى سَائِرِ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ رَاجِحٌ عَلَى الْإِضْمَارِ وَالْمَجَازِ، فَإِنَّ فِيهِ عَمَلًا بِالْحَقِيقَةِ مِنْ وَجْهٍ بِخِلَافِ الْأَوَّلَيْنِ، وَعَلَى النَّقْلِ لِتَوَقُّفِ النَّقْلِ عَلَى مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ التَّخْصِيصُ، وَعَلَى الِاشْتِرَاكِ لِإِخْلَالِهِ بِالْفَهْمِ. الْأَوَّلُ: التَّعَارُضُ بَيْنَ الِاشْتِرَاكِ وَالنَّقْلِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ النَّقْلِ يَكُونُ مَعْنَى اللَّفْظِ مُفْرَدًا قَبْلَ النَّقْلِ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الْأَصْلِيِّ وَبَعْدَهُ لِلْعُرْفِيِّ أَوْ الشَّرْعِيِّ الَّذِي نُقِلَ إلَيْهِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ الِاشْتِرَاكِ يَكُونُ مَعْنَاهُ مُتَعَدِّدًا فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ كَالْمُجْمَلِ. مِثَالُهُ: لَفْظُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِي النَّمَاءِ، وَفِي الْقَدْرِ الْمُخْرَجِ مِنْ النِّصَابِ، فَيُحْتَمَلُ الِاشْتِرَاكُ بَيْنَهُمَا أَوْ فِي الْأَصْلِ لِلنَّمَاءِ وَاسْتُعْمِلَتْ فِي الثَّانِي بِطَرِيقِ النَّقْلِ، فَحَمْلُهَا عَلَيْهِ أَوْلَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَجَّحَ الِاشْتِرَاكُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي نَسْخَ وَضْعٍ سَابِقٍ بِخِلَافِ النَّقْلِ، وَالْإِجْمَاعِ عَلَى وُقُوعِ الِاشْتِرَاكِ، وَالِاخْتِلَافِ فِي النَّقْلِ، وَأَنْكَرَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ كَالْقَاضِي وَغَيْرِهِ. الثَّانِي: التَّعَارُضُ بَيْنَ الِاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ، فَالْمَجَازُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا مِنْ الْمُشْتَرَكِ بِالِاسْتِقْرَاءِ، وَالْحَمْلُ عَلَى الْأَكْثَرِ أَوْلَى، وَإِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيهِ مَعَ الْقَرِينَةِ، فَيَكُونُ مَجَازًا وَدُونَهَا فَيَكُونُ حَقِيقَةً بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ، فَإِنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ يَجِبُ التَّوَقُّفُ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ وَأَتْبَاعُهُ وَابْنُ الْحَاجِبِ. وَأَمَّا الْآمِدِيُّ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ فِي مَبَاحِثِ الْأَمْرِ: تَرْجِيحُ الِاشْتِرَاكِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute