للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ تَصْوِيرُ التَّعَارُضِ بَيْنَ الِاشْتِرَاكِ وَالنَّقْلِ وَالْمَجَازِ، فَإِنَّ الِاشْتِرَاكَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ اسْتِوَاءِ حَالَاتِهِ فِي دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ أَوْ الْمَعَانِي، وَالْمَجَازُ إنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ يَكُونُ دَلَالَتُهُ فِي أَحَدِهِمَا ضَعِيفَةً وَالْأُخْرَى قَوِيَّةً، وَاللَّفْظُ إنَّمَا يَصِيرُ مَنْقُولًا إذَا يُطْلَبُ دَلَالَتُهُ الْأُولَى وَارْتَفَعَتْ. وَأُجِيبَ بِتَصَوُّرِ ذَلِكَ فِي لَفْظٍ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَيَيْنِ، وَلَمْ يُعْلَمْ تَسَاوِي دَلَالَتِهِ عَلَيْهِمَا وَلَا رُجْحَانُهَا فِي أَحَدِهِمَا، فَيُحْتَمَلُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِمَا بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ أَوْ بِطَرِيقِ النَّقْلِ، أَوْ حَقِيقَةً فِي أَحَدِهِمَا وَمَجَازًا فِي الْآخَرِ عَلَى السَّوَاءِ. الثَّالِثُ: الْإِضْمَارُ أَوْلَى مِنْ الِاشْتِرَاكِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَرِينَةِ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ إرَادَةُ الْمَعْنَى الْإِضْمَارِيِّ بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ فَإِنَّهُ مُفْتَقِرٌ إلَى الْقَرِينَةِ فِي جَمِيعِ صُوَرِهِ؛ إذْ لَيْسَ الْبَعْضُ مِنْهُ أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ

الرَّابِعُ: التَّخْصِيصُ خَيْرٌ مِنْ الِاشْتِرَاكِ؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ خَيْرٌ مِنْ الْمَجَازِ، وَالْمَجَازُ خَيْرٌ مِنْ الِاشْتِرَاكِ، وَالْخَيْرُ مِنْ الْخَيْرِ خَيْرٌ، فَكَانَ التَّخْصِيصُ خَيْرًا مِنْ الِاشْتِرَاكِ، وَعُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ أَضْعَفُ الْخَمْسَةِ. الْخَامِسُ: الْمَجَازُ خَيْرٌ مِنْ النَّقْلِ، لِاسْتِلْزَامِ النَّقْلِ نَسْخَ الْأَوَّلِ وَتَغْيِيرَ الْوَضْعِ، كَدَعْوَى الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ مَنْقُولَةٌ إلَى الْأَفْعَالِ، وَالْجُمْهُورُ قَالُوا: مَجَازَاتٌ لُغَوِيَّةٌ، وَهُوَ أَوْلَى. السَّادِسُ: الْإِضْمَارُ أَوْلَى مِنْ النَّقْلِ؛ لِأَنَّ الْإِضْمَارَ مُسَاوٍ لِلْمَجَازِ، وَالْمَجَازُ أَوْلَى مِنْ النَّقْلِ. السَّابِعُ: التَّخْصِيصُ خَيْرٌ مِنْ النَّقْلِ؛ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ الْمَجَازِ، وَالْمَجَازُ خَيْرٌ مِنْ النَّقْلِ. وَعُلِمَ بِهَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ أَنَّ النَّقْلَ أَضْعَفُ مِنْ الثَّلَاثَةِ بَعْدُ. الثَّامِنُ: إذَا وَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ الْإِضْمَارِ وَالْمَجَازِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ قِيلَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>