للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِي أَبُو عُمَرَ وَغُلَامُ ثَعْلَبٍ: الْوَاوُ عِنْدَ الْعَرَبِ لِلْجَمْعِ، وَلَا دَلَالَةَ عِنْدَهُمْ فِيهَا عَلَى التَّرْتِيبِ، وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ: إنَّهَا تَدُلُّ عَلَى التَّرْتِيبِ. انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ ": ادَّعَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ، وَنَسَبُوهُ لِلشَّافِعِيِّ، حَكَى عَنْ بَعْضِ نُحَاةِ الْكُوفَةِ، وَأَمَّا عَامَّةُ أَهْلِ اللُّغَةِ فَعَلَى أَنَّهَا لِلْجَمْعِ، وَإِنَّمَا يُسْتَفَادُ التَّرْتِيبُ بِقَرَائِنَ. انْتَهَى.

وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَصِحَّ هَذَا النَّقْلُ عَنْ الشَّافِعِيِّ بَلْ الْوَاوُ عِنْدَهُ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ، وَإِنَّمَا نُسِبَ لِلشَّافِعِيِّ مِنْ إيجَابِهِ التَّرْتِيبَ فِي الْوُضُوءِ، وَلَمْ يُوجِبْهُ مِنْ الْوَاوِ بَلْ لِدَلِيلٍ آخَرَ، وَهُوَ قَطْعُ النَّظِيرِ عَنْ النَّظِيرِ، وَإِدْخَالُ الْمَمْسُوحِ بَيْنَ الْمَغْسُولَيْنِ، وَالْعَرَبُ لَا تَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا إذَا أَرَادَتْ التَّرْتِيبَ. قُلْت: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْوَاوَ عِنْدَهُ لَا تُفِيدُ التَّرْتِيبَ لُغَةً وَتُفِيدُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الشَّرْعِيِّ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ التَّرْتِيبَ فِي الْوُضُوءِ لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهَا بَلْ تَمَسَّكَ بِمَا صَحَّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُرِيدُ الصَّفَا يَقُولُ: «نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا» وَعَلَى هَذَا فَإِذَا تَرَدَّدْنَا فِيهِ وَجَبَ حَمْلُهَا عَلَى الْمَحْمَلِ الشَّرْعِيِّ فَإِنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى اللُّغَوِيِّ، وَبِهَذَا يَجْتَمِعُ كَلَامُهُ، وَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ وَيَزُولُ الِاسْتِشْكَالُ.

وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي مُصَنَّفِهِ " الْمُفْرَدِ " فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: وَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ دُرُسْتَوَيْهِ وَالزَّاهِدِ وَابْنِ جِنِّي وَابْنِ بَرْهَانٍ وَالرَّبَعِيِّ مِنْ اقْتِضَائِهَا التَّرْتِيبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>