فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَكُتُبُهُمْ تَنْطِقُ بِضِدِّ ذَلِكَ. نَعَمْ، لَمَّا ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى الرَّبَعِيُّ فِي " شَرْحِ كِتَابِ الْجَرْمِيِّ " أَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ قَالَ: هَذَا مَذْهَبُ النَّحْوِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ إلَّا الشَّافِعِيَّ، وَلِقَوْلِهِ وَجْهٌ. انْتَهَى. وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إلَيْهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ: حِكَايَةُ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهَا لِلْجَمْعِ غَيْرُ صَحِيحٍ.
وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي " شَرْحِ الْكَافِيَةِ ": زَعَمَ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ أَنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ، وَعُلَمَاءُ الْكُوفَةِ بَرَاءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَنَقَلَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ النَّحْوِيُّ عَنْ قُطْرُبٍ وَالرَّبَعِيِّ وَاسْتَدَلَّ لَهُمَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: - {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} [آل عمران: ١٨] وَبِقَوْلِهِ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: ١] {وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا} [الزلزلة: ٢] ثُمَّ رُدَّ ذَلِكَ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلتَّرْتِيبِ بِقَوْلِهِ: {فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} [القمر: ١٦] قَالَ: وَالنُّذُرُ قَبْلَ الْعَذَابِ بِدَلِيلِ {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الإسراء: ١٥] .
وَمِنْ حُجَجِ الْقَائِلِينَ بِالتَّرْتِيبِ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: «أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالْحَدِيدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُ وَأُسْلِمُ؟ قَالَ: أَسْلِمْ ثُمَّ قَاتِلْ، فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَاتَلَ فَقُتِلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمِلَ قَلِيلًا وَأُوجِرَ كَثِيرًا» . وَأَسْنَدَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي " التَّمْهِيدِ " إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا نَدِمْت عَلَى شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ عَمِلْت بِهِ مَا نَدِمْت عَلَى الْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَنْ لَا أَكُونَ مَشَيْت، لِأَنِّي سَمِعْت «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ حِينَ ذَكَرَ إبْرَاهِيمُ وَأُمِرَ أَنْ يُنَادِيَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ {يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الحج: ٢٧] فَبَدَأَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute