للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالرِّجَالِ قَبْلَ الرُّكْبَانِ» . قَالَ: فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْوَاوَ تُوجِبُ عِنْدَهُ التَّرْتِيبَ، انْتَهَى.

وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِحَدِيثِ: «بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ» فَلَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَهَاهُ؛ لِأَنَّ الْأَدَبَ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَ اسْمِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ فِي ضَمِيرٍ، وَلِهَذَا قَالَ: {قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [الأحزاب: ٢٢] وَلَمْ يَقُلْ: وَصَدَقَا بَلْ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهَا لِلْجَمْعِ لَا لِلتَّرْتِيبِ، وَذَلِكَ أَنَّ لَفْظَ هَذَا الضَّمِيرِ وَهُوَ " هُمَا " بِمَنْزِلَةِ التَّثْنِيَةِ فِي الْأَسْمَاءِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَّفِقَةِ فِي قَوْلِك: الزَّيْدَانِ وَالْعَمْرَانِ، وَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ أَصْلَ التَّثْنِيَةِ الْعَطْفُ، وَحُكْمُ ضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ حُكْمُ التَّثْنِيَةِ فِي أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا تَرْتِيبٌ فِي الْمَعْنَى وَلَا تَقْدِيمُ احْتِفَالٍ فِي اللَّفْظِ. وَأَمَّا وُجُوبُ التَّرْتِيبِ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة: ٢٧٧] حَيْثُ رَتَّبَ الْعَمَلَ عَلَى الْإِيمَانِ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ بِدُونِهِ، فَلَمْ يُسْتَفَدْ ذَلِكَ مِنْ الْوَاوِ بَلْ مِنْ دَلِيلٍ خَارِجِيٍّ. وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [طه: ١١٢] .

الثَّالِثُ: أَنَّهَا لِلْجَمْعِ تُفِيدُ الْمَعِيَّةَ فَإِذَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَانَتْ مَجَازًا وَنُسِبَ لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ: لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِغَيْرِ كَوْنِ الْوَاوِ لِلْجَمْعِ الْمُطْلَقِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِاقْتِرَانٍ، وَلَا تَرْتِيبٍ، وَنَسَبَهُ بَعْضُهُمْ لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَأَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِمَا فِيمَا إذَا عَقَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>