وَهُوَ الْوُضُوءُ، فَدَخَلَتْ الْوَاوُ بَيْنَ الْأَجْزَاءِ لِلرَّبْطِ، فَأَفَادَتْ التَّرْتِيبَ، وَإِنْ دَخَلَتْ بَيْنَ أَفْعَالٍ لَا ارْتِبَاطَ بَيْنَهَا نَحْوُ {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] لَا تُفِيدُهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مُوسَى مِنْ الْحَنَابِلَةِ، وَرَجَّحَهُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِيهِمْ.
السَّادِسُ: إنَّمَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ فِي عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ دُونَ عَطْفِ الْجُمَلِ. حَكَاهُ ابْنُ الْخَبَّازِ مِنْ النُّحَاةِ عَنْ شَيْخِهِ. السَّابِعُ: أَنَّهَا لِلْعَطْفِ وَالِاشْتِرَاكِ، وَلَا تَقْتَضِي بِأَصْلِهَا جَمْعًا وَلَا تَرْتِيبًا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْ أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَيْهَا. حَكَاهُ إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ فِي " تَعْلِيقِهِ " عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ. قَالَ: وَكَانَ سَيِّئَ الرَّأْيِ فِي قَوْلِ التَّرْتِيبِ وَفِي قَوْلِ الْجَمْعِ. قَالَ: وَأَنْكَرَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيُّ هَذَا، وَقَالَ: الْقَائِلُ قَائِلَانِ، قَائِلٌ بِالْجَمْعِ وَقَائِلٌ بِالتَّرْتِيبِ، وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى ذَلِكَ، فَإِحْدَاثُ قَوْلٍ ثَالِثٍ لَا يَجُوزُ. اهـ.
وَنَقَلْته مِنْ فَوَائِدِ رِحْلَةِ ابْنِ الصَّلَاحِ بِخَطِّهِ، لَكِنَّ الْقَاضِيَ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ الْخِلَافِيَّةِ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْوَاوِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا تَقْتَضِي الْجَمْعَ وَالثَّانِي: تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ وَالثَّالِثُ: لَا تَقْتَضِي وَاحِدًا مِنْهَا، وَإِنَّمَا تَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ فِي الْمَعْنَى وَالْإِعْرَابِ فَقَطْ. الثَّامِنُ: وَحَكَاهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ الْقَاضِي الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْوَاوُ لَهَا ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ: حَقِيقَةٌ مَجَازٌ وَمُخْتَلَفٌ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute